أكثرهم من الأنبار ومن عدد من البلدان العراقية الأخرى. غير أن رسالة الجاحظ في ذم أخلاق الكتّاب تظهر ضيق نظرهم وغطرستهم وتعصّبهم للثقافة الفارسية وتقديرهم لكتبها ومادتها ، ولابدّ أن هذه المشاعر تجعلهم أقرب إلى الفرس ، إلا أنه لا توجد إشارة أو دليل على أنهم وثّقوا صلتهم بالعناصر الفارسية التي لم يكن لها صوت مسموع أو نشاط ثقافي خاص بهم في سامرّاء. وكان أكثرهم نصارى (١).
كانت الدولة تدفع للكتّاب رواتب شهرية تبعا لمكانتهم في العمل ، ووفق مستوى المعيشة ، وفي هذا يقول الجهشياري «كانت أرزاق الكتّاب والعمال في زمان أبي جعفر للرؤساء ثلاثمائة درهم للرجل ونحو ذلك ، وكذلك كانت في أيام بني أمية ، وعلى ذلك جرى إلى أيام المأمون ، فإن الفضل بن سهل وسع الجاري» (٢) ، ولم يذكر مقدار هذا التوسيع غير أن المعلومات المتفرقة عن أرزاق الكتّاب بعد عودة الخلافة إلى بغداد لم تكن أكبر كثيرا (٣) ، وكان رزق صاحب ديوان الرسائل أكثر من رزق صاحب الخراج ، ورزق المحرر أقل من رزق صاحب النسخ في ديوان الخراج (٤).
كان في الإدارة العليا بعض الاستقرار إلى نهاية خلافة المتوكل ، فقد ولي الوزارة ، وهي أعلى المناصب الإدارية ، الفضل بن مروان منذ أواخر خلافة المأمون إلى أن توفي في أول خلافة المعتصم ، فتلاه محمد بن عبد الملك الزيات الذي ظل وزيرا إلى أن نكبه المتوكل وولّى بعده محمد بن الفضل ، ثم تلاه عبد الله بن يحيى ؛ واستوزر المنتصر أحمد بن الخطيب الذي ظل في الوزارة إلى خلافة المستعين الذي ولّى بعده صالح بن يزداد ، ثم ابنه أحمد بن صالح ، ثم أحمد بن إسرائيل الذي ظل في الوزارة إلى زمن المعتز.
__________________
(١) الطبري ٣ / ٦٣٩ ، ١٤١٤.
(٢) الوزراء والكتاب للجهشياري ١٢٦ ، الطبري ٣ / ٤٢٥.
(٣) انظر : النفقات في الدولة العباسية لضيف الله الزهراني ٣٢٥.
(٤) في ذم أخلاق الكتاب للجاحظ ٤٨.