والاها من بغداد وسائر السواد ، ومن أنطاكية وسائر سواحل الشأم ، وفي حمل عملة الرخام وفرش الرخام ، فأقيمت باللاذقية وغيرها دور صناعة الرخام.
وأفرد قطائع الأتراك عن قطائع الناس جميعا ، وجعلهم معتزلين عنهم لا يختلطون بقوم من المولدين ولا يجاورهم إلا الفراغنة.
وأقطع أشناس وأصحابه الموضع المعروف بالكرخ وضم إليه عدة من قواد الأتراك والرجال وأمره أن يبني المساجد والأسواق ، وأقطع خاقان عرطوج وأصحابه مما يلي الجوسق الخاقاني وأمر بضم أصحابه ومنعهم من الاختلاط بالناس ، وأقطع وصيفا وأصحابه مما يلي الحير ، وبنى حائطا سماه حائر الحيرة ممتدا. وصيرت قطائع الأتراك جميعا والفراغنة العجم بعيدة من الأسواق والزحام في شوارع واسعة ودروب طوال ليس معهم في قطائعهم ودروبهم أحد من الناس يختلط بهم من تاجر ولا غيره ، ثم اشترى لهم الجواري فأزوجهم منهن ومنعهم أن يتزوجوا ويصاهروا إلى أحد من المولدين إلى أن ينشأ لهم الولد فيتزوج بعضهم وأجرى لجواري الأتراك أرزاقا قائمة وأثبت أسمائهن في الدواوين ، فلم يكن يقدر أحد منهم يطلق امرأته ولا يفارقها.
ولما أقطع أشناس التركي في آخر البناء مغربا وأقطع أصحابه معه وسمى الموضع الكرخ أمره أن لا يطلق لغريب من تاجر ولا غيره مجاورتهم ولا يطلق معاشرة المولدين ، فأقطع قوما آخرين فوق الكرخ وسماه الدور وبنى لهم في خلال الدور والقطائع المساجد والحمّامات وجعل في كل موضع سويقة فيها عدة حوانيت للفامبيين والقتّابين ، ومن أشبههم ممن لا بدّ لهم منه ولا غنى عنه.
وأقطع الأفشين خيدر بن كاوس الأشروسني في آخر البناء مشرقا على قدر فرسخين وسمّى الموضع المطيرة فأقطع أصحابه الأشروسنية وغيرهم من المضمومين إليه حول داره وأمره أن يبني فيما هناك سويقة فيها حوانيت للتجار فيما لا بدّ منه ومساجد وحمّامات.