بعيالهم بهذه المواضع وأقطعوا فيها وجعل هناك أسواقا لأهل المهن بالمدينة.
وبنى المعتصم العمارات قصورا وصير في كل بستان قصرا فيه مجالس وبرك وميادين ، فحسنت العمارات ورغب وجوه الناس في أن يكون لهم بها أدنى أرض وتنافسوا في ذلك ، وبلغ الجريب من الأرض مالا كبيرا. ومات المعتصم بالله سنة سبع وعشرين ومائتين وولي الخلافة هارون الواثق بن المعتصم فبنى الواثق القصر المعروف بالهاروني على دجلة وجعل فيه مجالس في دكة شرقية ودكة غربية ، وانتقل إليه ، وزادت الإقطاعات وقرّب قوما وباعد ديار قوم على الإحظاء لا على الإبعاد فأقطع وصيفا دار أفشين التي بالمطيرة وانتقل وصيف عن داره القديمة إلى دار أفشين ولم يزل يسكنها وكان أصحابه ورجاله حوله ، وزاد في الأسواق ، وعظمت الفرص التي تردها السفن من بغداد وواسط والبصرة والموصل ، وجدد الناس البناء وأحكموه وأتقنوه لما علموا أنها قد صارت مدينة عامرة وكانوا قبل ذلك يسمونها العسكر ثم توفي الواثق في سنة اثنتين وثلثين مائتين ، وولي جعفر المتوكل بن المعتصم فنزل الهاروني وآثره على جميع قصور المعتصم ، وأنزل ابنه محمدا المنتصر قصر المعتصم المعروف بالجوسق ، وأنزل ابنه إبراهيم المؤيد بالمطيرة وأنزل ابنه المعتز خلف المطيرة مشرقا بموضع يقال له بلكوارا ، فاتصل البناء من بلكوارا إلى آخر الموضع المعروف بالدور مقدار أربعة فراسخ وزاد في شوارع الحير شارع الأسكر والشارع الجديد وبنى المسجد الجامع في أول الحير في موضع واسع خارج المنازل لا يتصل به شيء من القطائع والأسواق ، وأتقنه ووسعه وأحكم بناءه وجعل فيه فوارة ماء لا ينقطع ماؤها ، وجعل الطرق إليه من ثلثة صفوف واسعة عظيمة من الشارع الذي يأخذ من وادي إبراهيم بن رباح في كل صف حوانيت فيها أصناف التجارات والصناعات والبياعات ، عرض كل صف مائة ذراع بالذراع السوداء لئلا يضيق عليه الدخول إلى المسجد إذا حضر المسجد في الجمع في جيوشه وجموعه وبخيله ورجاله ومن كل صف إلى الصفّ الذي يليه دروب وسكك فيها قطائع جماعة من عامة الناس فاتسعت على الناس المنازل والدور واتسع أهل الأسواق والمهن والصناعات في تلك الحوانيت والأسواق التي في صفوف المسجد الجامع وأقطع نجاح بن سلمة الكاتب في آخر