القواد والكتّاب ومن تولى عملا من الأعمال ؛ وتكامل له السرور وقال الآن علمت أني ملك إذ بنيت لنفسي مدينة سكنتها.
ونقلت الدواوين ديوان الخراج وديوان الضياع وديوان الزمام وديوان الجند والشاكرية وديوان الموالي والغلمان وديوان البريد وجميع الدواوين.
إلا أن النهر لم يتم أمره ولم يجر الماء فيه إلا جريا ضعيفا لم يكن له اتصال ولا استقامة على أنه قد أنفق عليه شبيها بألف ألف دينار ، ولكن كان حفره صعبا جدا إنما كانوا يحفرون حصا وأفهارها لا يعمل فيها المعاول وأقام المتوكل نازلا في قصوره بالجعفرية تسعة أشهر وثلثة أيام وقتل لثلاث خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين في قصره الجعفري أعظم القصور شؤما وولي محمد المنتصر بن المتوكل فانتقل إلى سرّ من رأى وأمر الناس جميعا بالانتقال عن الماحوزة وأن يهدموا المنازل ويحملوا النقض إلى سرّ من رأى فانتقل الناس وحملوا نقض المنازل إلى سرّ من رأى وخربت قصور الجعفري ومنازله ومساكنه وأسواقه في أسرع مدة وصار الموضع موحشا لا أنيس به ولا ساكن فيه والديار بلاقع كأنها لم تعمر ولم تسكن.
ومات المنتصر بسرّ من رأى في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين ، وولي المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم فأقام بسرّ من رأى سنتين وثمانية أشهر حتى اضطربت أموره فانحدر إلى بغداد في المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين فأقام بها يحارب أصحاب المعتز سنة كاملة والمعتز بسرّ من رأى معه الأتراك وسائر الموالي ، ثم خلع المستعين وولي المعتز فأقام بها حتى قتل ثلث سنين وسبعة أشهر بعد خلع المستعين وبويع محمد المهتدي ابن الواثق في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين فأقام حولا كاملا ينزل الجوسق حتى قتل رحمهالله وولي أحمد المعتمد ابن المتوكل فأقام بسرّ من رأى في الجوسق وقصور الخلافة ثم انتقل إلى الجانب الشرقي بسرّ من رأى فبنى قصرا موصوفا بالحسن سماه المعشوق فنزله فأقام به حتى اضطربت الأمور فانتقل إلى بغداد ثم إلى المدائن.