ياقوت أن المتوكل «اشتق من دجلة قناتين شتوية وصيفية ، تدخلان الجامع وتتخللان شوارع سامرّاء ، واشتق نهرا آخر قدره للدخول إلى الحير ، فمات قبل أن يتم ، وحاول المنتصر تتميمه ، فلقصر أيامه لم يتم ، ثم اختلف الأمر بعد فبطل ، وكان المتوكل أنفق عليه سبعمائة ألف دينار» (١) ومن الواضح أن هذا غير النهر الذي عمل على حفره عند المتوكلية ، وقول ياقوت إن إحدى القناتين صيفية والأخرى شتوية قد يدل على أنهما كانتا تأخذان ماءهما من دجلة بإحدى الوسائل الصناعية كالنواعير والكرود ، إذ بهما وحدهما يمكن التحكم في أجزاء الماء في موسم معيّن. وأن قوله «تدخلان الجامع وتتخللان شوارع سامرّاء» قد يدل على أنهما كانتا تدخلان الجامع قبل السوق ، أما النهر الثاني الذي لم يتم فيقتضي أنه كان قريبا من هاتين القناتين لأن الحير قريب من الجامع.
ذكر ابن الفقيه أن «ما يأخذ منها ويسقي الجانب الشرقي القناتان الشتوية والصيفية ، وهما اللتان عملهما المتوكل بسرّ من رأى ، كانتا تدخلان المسجد الجامع وتتخللان شوارع سامرّاء ... ثم النهر الذي قدره أيضا وعمل على أن يدخل الحير فلم يتم. وقد كان انفق عليه سبعمائة ألف دينار ، وكان السبب في أنه لم يتم أن المتوكل قتل قبل الفراغ منه ، وقد حاول المنتصر أن يتممه ، فلقصر أيامه لم يستمر ذلك» (٢) ولعل هذا مصدر قول القزويني عن المتوكل «اشتق من دجلة قناتين شتوية وصيفية تدخلان الجامع وتتخللان شوارع المدينة» (٣).
ومن مظاهر اهتمام المتوكل بتوفير الماء للأهالي ما قام به عند تشييد المدينة. فذكر اليعقوبي أن المتوكل عزم على أن يبتني مدينة ينتقل إليها وتنسب إليه ويكون له بها الذكر ، فأمر محمد بن موسى المنجم ومن يحضر بابه من المهندسين أن يختاروا موضعا ، فوقع اختيارهم على موضع يقال له الماحوزة ،
__________________
(١) آثار البلاد للقزويني ٣٨٦.
(٢) البلدان لابن الفقيه ١٤٢.
(٣) البلدان لليعقوبي ٢٦٦ ، الروض المعطار ١٧٧.