طلب (حبسه) من الحاكم (حتى يحضره ، أو يؤدي ما عليه) إن أمكن أداؤه عنه كالدين ، فلو لم يمكن كالقصاص ، والزوجية ، والدعوى بعقوبة توجب حدا أو تعزيرا ، ألزم باحضاره حتما مع الإمكان ، وله عقوبته عليه (١) كما في كل ممتنع من أداء الحق مع قدرته عليه ، فإن لم يمكنه الاحضار وكان له بدل كالدية في القتل وإن كان عمدا ، ومهر مثل الزوجة وجب عليه البدل.
وقيل : يتعين الزامه باحضاره (٢) إذا طلبه المستحق مطلقا (٣) ، لعدم انحصار الأغراض في أداء الحق. وهو قوي.
ثم على تقدير كون الحق مالا وأدّاه الكفيل فإن كان قد أدى بإذنه رجع عليه (٤) ، وكذا إن أدى بغير إذنه مع كفالته بإذنه ، وتعذّر احضاره (٥) ، وإلا فلا رجوع (٦).
والفرق بين الكفالة والضمان في رجوع من أدى بالإذن هنا وإن كفل بغير الإذن ، بخلاف الضمان (٧) : أن الكفالة لم تتعلق بالمال بالذات ، وحكم الكفيل
______________________________________________________
(١) أي إذا ألزم بالإحضار حتما لعدم إمكان أخذ الحق من الكفيل ، وقد امتنع الكفيل من الإحضار فللمكفول له حق العقوبة عليه بالحبس كما في كل ممتنع عن أداء الحق مع قدرته عليه.
(٢) كما هو مقتضى القول الثاني المتقدم.
(٣) سواء كان الحق مما يمكن أن يؤديه الكفيل أم لا.
(٤) الرجوع عليه لوجود الاذن في الأداء.
(٥) لما تعذر عليه الإحضار وألزم بالمال فيكون التغريم مسببا عن إذن الغريم بالكفالة ، لأن الاذن في الشيء إذن في لوازمه فيرجع عليه لوجود الاذن.
(٦) لأن الكفيل متبرع بكفالته وأدائه لعدم الاذن فلا يرجع لتبرعه.
(٧) قد تقدم في باب الضمان أن الضامن لا يرجع على المضمون عنه لو أدى بإذنه إذا كان الضمان بغير إذنه ، مع أنه قد حكم هنا برجوع الكفيل على الغريم لو أدى بإذنه وإن كانت الكفالة بغير إذنه ، وعليه فما هو الفرق بينهما.
والفرق هو أن الكفالة لم تتعلق بالمال بالذات وإنما تعلقت بإحضار النفس فيكون الكفيل بالنسبة للمال أجنبيا ، فإن أداه بإذن الغريم فله حق الرجوع وإن كانت الكفالة بغير إذنه ، بخلاف الضمان فإنه قد تعلق بالمال ابتداء ولذا كان الضمان ناقلا للمال من ذمة المضمون