بواسطة ناظر لهم ، ينظر لهم من رأس جبل مشرف مسيرة يوم في الصباح ، ويقول لهم : اسرحوا ، فلا بأس عليكم. وينظر لهم مسيرة ليلة مساء ، ويقول لهم : ناموا ، فلا بأس عليكم. فحين ضل الدليل عن الطريق من مسيرة ليلة ، أوصلهم إلى مقصدهم من طريق آخر.
فحمدوا خطأهم الذي وقعوا فيه ، وكمن زيد لهم تلك الليلة. ثم صبحهم هو وأصحابه ، فكبروا ، وأحاطوا بالحاضر ، وأخذوا أم قرفة ، وكانت ملكة ورئيسه.
وفي المثل يقال : أمنع وأعز من أم قرفة ؛ لأنه كان يعلق في بيتها خمسون سيفا لخمسين رجلا ، كلهم لها محرم. وهي زوجة مالك بن حذيفة بن بدر.
وأخذوا ابنتها جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر.
وعمد قيس بن المحسر إلى أم قرفة ، وهي عجوز كبيرة ، فقتلها قتلا عنيفا ، حيث ربط برجليها حبلين ، ثم ربطهما بين بعيرين ، ثم زجرهما ، فذهبا بها ، فقطّعاها.
وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك ، فقرع باب النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فقام إليه عريانا ـ كما يزعمون ـ يجر ثوبه حتى اعتنقه ، وقبّله ، وسأله ، فأخبره بما ظفره الله به (١).
ولقي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» سلمة بن الأكوع ، فطلب منه
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٧٩ ـ ١٨١ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٩٢ و ٩٩ و ١٠٠ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٩١ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٠٨.