اليهود الذين تفرقوا في البلاد ، أو أبقاهم النبي «صلىاللهعليهوآله» ليعملوا في أرض خيبر قد جعلوا عليهم ابن رزام ، فسعى لنقض العهد ، وجمع الجموع لحرب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. فجاءه ابن رواحة في ثلاثين رجلا ، وكان ما كان ، من تطميعه بالولاية على خيبر من قبل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. ثم انتهى الأمر بقتله ، وقتل من معه ..
وأبقي «صلىاللهعليهوآله» اليهود على أعمالهم في خيبر ؛ لأنهم لم يشاركوا ابن رزام في مساعيه ..
ولعل هذا أولى بالقبول من القول : بأن القضية قد حصلت قبل خيبر ، وأن المقصود : أنه «صلىاللهعليهوآله» أراد أن يجعله على غطفان ، وغيرها من القبائل الساكنة في تلك المناطق.
أو أنهم أرادوا طمأنته إلى أن النبي «صلىاللهعليهوآله» لا يأبى من أن يكون أميرا على خيبر ، بل هو يعطيه أيضا تفويضا بذلك ، ويستعمله عليها ، فقبل ابن رزام ، المتوجس خيفة من الحرب ذلك منهم ، لأنه رأى أنه قد ضمن السلام والسلامة ، وأبعد عن مخيلته شبح الحرب ، وكابوسها المخيف والمرعب الذي رأى بعض فصوله في حروب المسلمين مع بني قينقاع ، والنضير ، ومع المشركين في بدر وفي أحد.
وقد يهوّن عليه تصديق هذه المقولة : ما دخل في وهمه من أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد ملّ الحرب (١).
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٨٣.