ونقول :
إن هذا النص وأمثاله على درجة كبيرة من الغموض بل هو موضع شك وريب أيضا .. فإنه إذا كان ابن أنيس قد فطن لغدر ابن رزام ، وصرح فعله عن غدره هذا ، فمن المتوقع أن يحتاط أسير لنفسه ، ويتباعد عن مرافقه ، ويفر منه ، وأن يعلن عزمه على العودة من مسيره ذاك.
ومن جهة ثانية ، نقول :
قد روي أن قتل أسير كان على يد عبد الله بن رواحة فراجع (١).
ومن جهة ثالثة ، نقول :
كيف لم يسمع أحد من المرافقين ، وهم ما يقرب من ستين رجلا ما قاله ابن أنيس لرفيقه؟ ..
كما لم يروا ما دار بينهما من تجاذب للسيف!! وثمة أسئلة أخرى تحتاج إلى الإجابة هنا ، وهي التالية :
كيف صار اليهود ردفاء للمسلمين؟! ألم يكن لدى ذلك الرئيس المطاع أعني أسير بن رزام ولدى سائر من معه ، خيل ، أو إبل يركبونها ، حتى احتاجوا إلى الارتداف خلف أناس ، كانوا إلى ما قبل ساعة يسعون لجمع الناس لحربهم؟!.
وهل فكر أولئك اليهود الرؤساء بكيفية رجوعهم ، من مسيرهم ذاك؟ وهل سوف يرجعون سيرا على الأقدام؟ أم على الخيل؟ أم على الإبل؟!
وعلى أية خيل أو إبل سيعودون إلى بلادهم؟.
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٥٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٨.