ونقول :
إن كان ذلك قد حصل قبل الصلح ، فيرد عليه :
أن أبا سفيان لا يجرؤ على المجيء إلى الحديبية إذا كان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فيها ، خصوصا مع وجود تلك الجموع معه ، فإنهم لن يسكتوا عن وجود رجلين غريبين يظهران فيما بينهم ، بل لابد أن يتعرفوا عليهما ، فإذا عرفوهما فسيكون لهم شأن معهما ، وأي شأن.
وإن كان ذلك قد حصل بعد الصلح ، وبعد ارتحال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ومن معه من المسلمين ..
فيرد عليه : أنهم يقولون : إن البراء بن عازب قد انتزع ذلك السهم من موضعه ، وذلك حين ارتحال الرسول «صلىاللهعليهوآله» والمسلمين عنه .. فجف الماء كأن لم يكن هناك شيء (١).
ولكننا مع ذلك نقول :
إن أبا سفيان كان يعرف الحديبية ، وأنها لا ماء فيها ، فإذا كان مع النبي «صلىاللهعليهوآله» ألف وأربع مائة أو خمس مائة رجل ، ومعهم رواحلهم ودوابهم ، وربما طائفة من النساء ، فلا بد أن يحتاجوا إلى الكثير من الماء الذي يعرف أنه غير متوفر في الحديبية.
وهذا يقرّب إلى الذهن أن يكونوا قد سمعوا بأمر البئر ، وبمعجزة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ودفعهم ذلك إلى الذهاب إلى هناك بعد رحيله «صلىاللهعليهوآله» ، فرأوا أنها قد غارت أيضا ، لكي يتبين لهم أن
__________________
(١) نفس المصادر السابقة.