صالح عمر بن الخطاب ، لأن هذه الكلمة قد أظهرت : أنه يريد أن يجعل المسؤولية عن أي شيء يواجهه في مسيره ذاك تقع على عاتق رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فكأنه قال له : أنا أرفض طلبك طائعا ، بالاستناد إلى شواهد وأدلة ، ولكني أنفذه مرغما.
يضاف إلى ذلك : أن هذا يستبطن أكثر من إشارة ودلالة أخرى ، ومنها : أن لا يكون لدى هذا المرغم أي ثواب فيما يقوم به ، وأنه لو تعرض لأي خطر في مهمته تلك ، فإنه يكون قد خسر نفسه في الدنيا والآخرة ، حيث سيكون مجرد قتيل ، ولا يكون شهيدا ، وأن على أهله وذويه أن يتوجهوا إلى من أرغمه على هذا الفعل الذي سوف ينتهي إلى هذه النتيجة ويطالبوه بدمه ، وبكل ضرر لحق به ..
والنبي «صلىاللهعليهوآله» لا يرضى بذلك ، بل يريد أن يجعل المسؤولية على عاتق عمر نفسه ، وأن يفتح أمامه باب الرحمة الإلهية والفوز العظيم ، ويمكّنه من أن يختار الدخول من خصوص هذا الباب ، فإن اختار أن يقصد التقرب إلى الله تعالى ، وسعى في نيل رضوانه ، كانت له المثوبة العظيمة ، سواء تعرض لعدوان أعداء الله ، أم نجا منهم ..
وإن اختار أن يقوم بالعمل بهدف الحصول على الشهرة والمقام في الدنيا ، ونحو ذلك ، فذلك شأنه ، ويكون هو المقصر في حق نفسه.
ولأجل ذلك : سكت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ولم يجب عمر على كلامه بشيء ، وكان لا بد له من صرف النظر عن الموضوع ، والبحث عن غيره لهذه المهمة.