لكن ذلك كله لم يره كافيا ، حتى أرسل إليهم خراش بن أمية.
وقد تعمد أن يحمله على جمل له ، يعرف أهل مكة : أنه له ، وهو يذكّرهم بحروبهم ضده ، وقد أراد «صلىاللهعليهوآله» لهذا الجمل أن يدخل مكة.
وكان عقر عكرمة بن أبي جهل لهذا الجمل بالذات ، لأنه عرف أنه جمل النبي نفسه «صلىاللهعليهوآله» ، ومن أجل أن راكبه رسول من قبل هذا النبي «صلىاللهعليهوآله» بالذات .. إن ذلك كله قد جعل الناس يتسامعون بهذا الأمر ، وأن يفشو ويشيع في مكة ، ويتردد خبره فيها من أدناها إلى أقصاها. فيشعر الناس كلهم بأن محمدا «صلىاللهعليهوآله» قريب منهم ، وأن رسوله بينهم ، وأن جمله يعقر في بلدهم وأن هذا الجمل قد أخذ منهم!!
ولكن ذلك أيضا لم يكن كافيا ولا مقنعا ، فقد كان النبي «صلىاللهعليهوآله» يريد أن تطول مدة وجود رسوله في مكة ، وأن يكون معه عشرة آخرون ، لابد أن يلتقوا أيضا بآخرين ، من أقرانهم ، ومعارفهم ، وأن يشعر الناس بواقع الرحمة ، وبالحنان والرفق بينهم وبين هؤلاء الوافدين. وأن يترددوا إلى بيوت مكة ، وأن يتحركوا ذهابا وإيابا في شعابها .. فإن ذلك كله كان مطلوبا لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ويدخل ضمن خطته في دفع الأمور باتجاه الحسم ، الذي تخشاه قريش كل الخشية ، وتأباه ـ من ثم ـ كل الإباء ..
وكان ما أراده الله ورسوله .. وخاب اولئك الظالمون الجبارون والجاحدون.
الثاني : قد تقدم : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» طلب من عثمان أن يدخل بيوت المؤمنين في مكة ، ويبشرهم بقرب ظهور الإسلام في هذا البلد.