فتعلم الناس منه كيفية الاعتمار ، وكيفية الحج حينئذ ، ولم يكن قد حج رسول الله «صلىاللهعليهوآله» معلنا قبل هذا ، ليكون عثمان قد حج معه ، ولا دليل يدل على أنه قد تعلم منه ذلك شفاها.
٥ ـ ومما يلقي ظلالا من الشك على هذه الأقوال أيضا : أن الكلام كله يتمحور حول عثمان ، مع أنهم يقولون : إن عشرة أشخاص قد دخلوا معه في أمانه ، ولم نجد أحدا قد سألهم ، أو سأل عنهم : هل طافوا حول الكعبة أم لم يطوفوا؟! أو على الأقل لم يحدثنا التاريخ بشيء من ذلك.
٦ ـ إن الظن المنسوب إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم يصب في هذه المرة أيضا ، وذلك لأن ما ظنه من طاعة عثمان وتقيّده بأوامره ، قد خيّبه عثمان حين عصى أمره «صلىاللهعليهوآله» الناس وعثمان منهم أن يحلقوا رؤوسهم ، فلم يستجب له «صلىاللهعليهوآله» وكان كما يقول السهيلي : وحده ، ومعه أبو قتادة (ونظن أن الصحيح : هو (ومعه عمر) ، لأن عمر المعارض الحقيقي ، بل هو رأس المعارضة).
نعم ، إن عثمان وهذا الرجل أو ذاك ، وحدهما اللذين عصيا أمر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وأصرا على التقصير ، ووصفهما النبي «صلىاللهعليهوآله» بأنهم قد شكّوا (أي في دينهم) (١).
__________________
والرشاد ج ٨ ص ٤٧٥ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٥ وج ٤ ص ٣٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ١٢٥ وإرواء الغليل ج ٤ ص ٣١٦ والجامع لأحكام القرآن ج ١ ص ٣٩ وج ٢ ص ١٨٣ و ٤٠٠ و ٤١٦ و ٤٢٩ و ٤٣١ وج ٣ ص ٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٣٦٧ و ٤٢٧.
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٣.