وقائل منهم يقول : اعتمدوا مناة الثالثة الأخرى.
فقال شيخ وسيم ، حسن الوجه ، جيد الرأي : أنى تؤفكون ، وفيكم بقية إبراهيم ، وسلالة إسماعيل؟!
قالوا : كأنك عنيت أبا طالب؟
قال : إيها.
فقاموا بأجمعهم ، وقمت معهم ، فدققنا عليه بابه ، فخرج إلينا رجل حسن الوجه ، عليه إزار قد اتشح به ، فثاروا إليه ، فقالوا : يا أبا طالب ، أقحط الوادي ، وأجدب العيال! فهلم فاستسق لنا!!
فخرج أبو طالب ، ومعه غلام ، كأنه شمس دجنة ، تجلت عليه سحابة قتماء ، وحوله أغيلمة. فأخذه أبو طالب ، فألصق ظهره بالكعبة ، ولاذ بأضبعه الغلام ، وما في السماء قزعة. فأقبل السحاب من ههنا وههنا ، فأغدق واغدودق ، وانفجر له الوادي ، وأخصب النادي والبادي.
وفي ذلك يقول أبو طالب :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة الأرامل |
يلوذ به الهلاك من آل هاشم |
|
فهم عنده في نعمة وفواضل |
وقال ابن سعد : حدثنا الأزرق ، حدثنا عبد الله بن عون ، عن عمرو بن سعيد : أن أبا طالب قال : كنت بذي المجاز مع ابن أخي ، يعني النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فأدركني العطش ، فشكوت إليه ، فقلت : يابن أخي قد عطشت. وما قلت له ذلك ، وأنا أرى عنده شيئا إلا الجزع ، قال : فثنى وركه.
ثم قال : يا عم عطشت؟
قلت : نعم.