والضجر ، والأريحية والانشراح ، والحزن ، والسرور.
ويراه في حالات الغضب والرضا ، والتبذل والترسل ، والانقباض ، والانبساط ، والجدية ، والترسم ، واللعب ، واللهو ، والعمل ، والمثابرة ، والنشاط ، والكسل ، والفراغ ، والشغل ، وما إلى ذلك ، فإن كل من يرى هذه الحالات في إنسان ما ، سوف تتضاءل وتنكمش ، وقد تتلاشى وتندثر الهالة التي ربما تبهر الناس في ذلك الإنسان ، حتى إنه قد لا يبقى لديه سوى بعض الإعجاب بلفتة جمال هنا ، أو بلمحة ذكاء هناك!!
ولكن الأمر بالنسبة لأبي طالب مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كان مختلفا تماما ، فقد كان اطلاع أبي طالب على جميع أحوال النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وأدق خصوصياته يزيد من درجات تقديسه له ، ويضاعف مراتب إعجابه به ، وانبهاره بأنوار حقيقته ، وتجليات فضائله ، وميزاته ، إلى الحد الذي يجعل ذلك الشيخ الكبير يرى هذا الفتى اليافع وسيلته إلى الله وشفيعه ، الذي يبلغه حاجاته ، ورائده وقائده ، ومثله الأعلى ، حتى إنه ليستسقي به مرة بعد أخرى ، وينشئ به قصيدته اللامية التي بهرت بأنوارها الساطعة ، وبلألائها اللامع كل من سمعها ، أو قرأها. بل هي قد أخذت بمجامع القلوب ، وهيمنت على المشاعر ، وأنست بباهر أنوارها حتى القلوب التي غرقت في ظلمات النصب والانحراف عن بني هاشم ، وكل من له بهم أدنى صلة أو رابطة ، حتى إن ابن كثير يصف هذه القصيدة العصماء ، بقوله :
«قلت : هذه قصيدة عظيمة ، بليغة جدا ، لا يستطيع يقولها إلا من نسبت إليه. وهي أفحل من المعلقات السبع ، وأبلغ في تأدية المعنى فيها