٢ ـ وكل ذلك يجعل مشركي مكة أمام خيار صعب ، ومحرج ، فإن البيت للناس كلهم ، وهؤلاء القوم قد جاؤوا لزيارة بيت ربهم ، فكيف يمكن دفعهم عنه ، فضلا عن مواجهتهم بالحرب؟! بل كيف يمكن منعهم من تأدية مناسكهم ، ولو من دون قتال؟!
إن ذلك سيفضح قريشا بين العرب ، وسوف يقلل من مستوى الثقة بها ، وسيظهر المسلمين أنهم مظلومون وممنوعون من أبسط حقوقهم ..
خصوصا ، وأن هذا الإجراء قد جاء في الأشهر الحرم التي يمنع القتال فيها ، من كل أحد. وقد كانت قريش بالذات بحاجة إلى هذه الأشهر ، من أجل مراجعة علاقاتها مع المحيط الذي تعيش فيه ، ثم من أجل تجاراتها في موسم الحج ، والتأكيد على ارتباطاتها ، وعلاقاتها وتحالفاتها مع القبائل الوافدة .. ليكون لها بذلك بعض القوة في حربها مع محمد «صلىاللهعليهوآله» الذي لم يزل يسجل عليها النصر تلو النصر ، ولم تزل تخسر مواقعها لصالحه ، وينحسر نفوذها عنها ليحتل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» مواقع هذا النفوذ ، ولكن دون أن تتمكن من انتزاع تلك المواقع منه ، لأنه يحتلها بالدين ، وبالإيمان ، ويكون التزام الناس معه من موقع التقديس له ، والطاعة لله تعالى ، لا لأجل المصالح الفردية ، والفئوية ، أو القبلية ، ولا لغير ذلك من غايات دنيوية ..
٣ ـ والأمرّ والأدهى بالنسبة لقريش : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد جاءها بجموع كثيرة من العباد ، ومن مختلف القبائل ، ومن كثير من البلاد ، ليكونوا شهودا على ما تمارسه من ظلم واضطهاد ليس ضد النبي «صلىاللهعليهوآله» وحسب ، وإنما ضدهم جميع الذين أتوا معه ، لا لذنب أتوه إليها ،