الشروع في السفر ، ولبس ثوبين ، وركب راحلته من عند باب بيته ..
ولعل هذه التصرفات التي لم تعهد منه في سائر أسفاره ، هي للتأكيد على أن هذا السفر يختلف عن غيره مما سبقه ، فهو سفر له حرمته ، وله مراسمه الخاصة به ، التي تتوافق مع حالة التعظيم والتقديس لبيت الله عزوجل ، من حيث إنه يمهد لإطلالة على واحة من العبادات الروحية بما يناسبها من حركات ، وتصرفات ..
وقد ظهر من رؤياه التي أخبر بها أصحابه ، ومن إعلانه لوجهة سيره ، أن الهدف هو أداء مراسم العمرة ، ما يؤكد هذه الحقيقة ، ويزيل أي احتمال في أن تكون هناك أهداف قتالية ، وعمليات حربية ..
بل إن قوله في رؤياه : إنه يعرّف مع المعرّفين ، أي أنه يحضر عرفة ، دليل قاطع على أن المراد ليس هو العمرة ، وإنما هو أداء مراسم الحج التي تتضمن الوقوف بعرفات. وليس في العمرة ذلك.
فإخباره لهم : أنه يريد العمرة دليل على أن هذا السفر ليس هو التعبير لتلك الرؤيا التي أخبرهم بها. فما معنى امتناعهم عن الإحلال حينما أمرهم بذلك؟! وما معنى استدلالهم عليه بتلك الرؤيا التي تضمنت إسقاط دعواهم هذه بصورة دقيقة وصريحة؟!
وقد أكد هذه الأجواء أنه «صلىاللهعليهوآله» قد أحرم من ذي الحليفة ، وصلى بالمسجد الذي بها ركعتين ، وركب من باب المسجد هناك ، وانبعثت به راحلته ، وهو مستقبل القبلة ، وأشعر البدن هناك وهي موجهات إلى القبلة ، وقلدها ، وكذلك فعل المسلمون معه.
فهذه الأجواء كلها تشير إلى أنه لا يريد حرب أحد ، فإن المحرم لا يحارب.