البوادي حتى أتيت مكة ، وأقبل شعر رأسي ولحيتي يتناثر حتى دخلت مكة وأنا أقرع بغير لحية ، وجلست في موضع ، وأهل الصوفية يذهبون ويجيئون ، وينكرون ، وبعضهم يقول : هو أبو جعفر ، وبعضهم يقول : لا ، حتى جاءني واحد منهم ، فقال لي : أنت أبو جعفر الحدّاد؟ فقلت : نعم ، فمضى وحشر عليّ الصوفية ، وجلسوا حولي ، فقال بعضهم : يا أبا جعفر ، التوكل ما هو؟ فقلت : أيما أحبّ إليك أصفه لك علما ، أو تراه حقيقة؟ فقال : أراه حقيقة ، فقلت له : حلق الرءوس واللحى.
أنبأنا أبو الحسن (١) عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا أبو بكر المزكي (٢) ، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت علي بن سعيد يقول : سمعت أحمد بن هارون يقول : سمعت أبا الحسن العلوي يقول : قال لي أبو جعفر الحدّاد : [إذا](٣) رأيت ضرّ الفقير في ثوبه فلا ترجو خيره (٤) ملؤه في ... (٥).
سمعت أبا المظفر (٦) :
[وقال (٧) أبو جعفر الحداد (٨)] :
كنت بمكة ، فطال شعري ، ولم يكن معي قطعة آخذ بها شعري ، فتقدمت إلى مزين توسمت فيه الخير ، وقلت : تأخذ شعري لله؟ قال : نعم وكرامة ، وكان بين يديه رجل من أبناء الدنيا ، فصرفه ، وأجلسني ، وحلق شعري ، ثم دفع إليّ قرطاسا فيه دراهم ، وقال : استعن بها على حوائجك فأخذتها ، واعتقدت أني أدفع إليه أول شيء يفتح عليّ ، قال : فدخلت المسجد ، فاستقبلني بعض إخواني ، وقال : خذ صرة أنفذها بعض إخوانك من البصرة فيها ثلاثمائة دينار. قال : فأخذت الصرة وحملتها إلى المزين ، وقلت : هذه ثلاثمائة دينار تصرفها في بعض أمورك ، فقال لي : ألا تستحي يا شيخ؟ تقول لي : احلق شعري لله ، ثم آخذ عنه شيئا ، انصرف عافاك الله].
__________________
(١) بالأصل : أبو الحسن عن عبد الغافر.
(٢) تقرأ بالأصل : المرطي.
(٣) استدركت عن هامش الأصل ، وبعدها صح.
(٤) حلية الأولياء ١٠ / ٣٤٠.
(٥) رسمها بالأصل : «الرريف» وفوقها ضبة.
(٦) كذا بالأصل ، ثم ينتقل مباشرة إلى ترجمة جديدة.
(٧) الخبر التالي استدرك عن المختصر لابن منظور ٢٨ / ٢١٨ ومختصر أبي شامة ورقة ١١٤.
(٨) في مختصر أبي شامة : قال أبو بكر الصائغ ، سمعت أبا جعفر الحداد ـ أستاذ الجنيد ، قال.