قال الوليد بن مسلم :
سألت ابن جابر ، فقلت : من رأيت ممّن يخضب؟ قال : رأيت عبد الله بن أبي زكريا (١) ، وأبا مخرمة ، وأبا أسيد ، وبلال بن سعد (٢) ، والقاسم بن مخيمرة (٣) ، وعطيّة بن قيس (٤) لا يخضبون بشيء ، بيض لحاهم.
قال أبو مسهر : حدّثنا سعيد بن عبد العزيز :
أن أبا أسيد كان يمشي مع ابن أبي زكريا ، فقال له ابن أبي زكريا : فلان يفعل كذا وكذا ـ وفي رواية : كان من أمر الناس كذا ـ فقال أبو أسيد : ذكر الناس داء ، وذكر الله شفاء. ثم أعرض عنه ، فلم ير منه ما يحبّه حتى فارقه.
قال : وأراد ابن أبي زكريا عبادة أبي أسيد ، فلم يقدر عليها. وما كان عندنا أعبد منه ـ يعني من أبي أسيد ـ.
قال عمرو بن أبي سلمة : سمعت سعيدا يحدث عن أبي عبد ربّ عن ابن أبي زكريا قال :
وكان أبو أسيد الفزاري يغتسل كل يوم لصلاة الصبح ، ثم يغدو إلى المسجد ، فيصلي الصبح ، ثم يجلس ، فيذكر الله حتى تمكنه السبحة ، ثم يقوم يركع ، فلا يزال يركع حتى نصف النهار ، ثم ينصرف إلى أم الدّرداء ، فتقوم عليه أم الدّرداء بمنزلة الأمة له ، فإذا سمع المؤذّن راح ، فلا يزال قائما يصلّي حتى العصر ، ثم يصلي العصر ، ثم يجلس بعد العصر ، فيذكر الله حتى المغرب ، ثم يصلي المغرب ، ثم يقوم ، فيركع ، فلا يزال راكعا حتى ينصرف آخر الناس (٥) من العشاء الآخرة ، ثم ينصرف إلى أهله ، وهو مع هذا صائم. قال : وكان منزله عند باب الشرقي ، فيفطر مع أهله ، ثم ينام نومة ، فعسى ألا (٦) ينام آخر أهل بيته حتى يستيقظ ، فلا يزال قاما يصلي حتى يصبح.
__________________
(١) هو عبد الله بن أبي زكريا أبو يحيى الخزاعي الدمشقي ، تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ٢٧ / ١١١ رقم ٣١٩٧ طبعة دار الفكر.
(٢) هو بلال بن سعد بن تميم أبو عمرو السكوني ، تقدمت ترجمته في تاريخ دمشق ١٠ / ٤٨٠ رقم ٩٧٥.
(٣) هو القاسم بن مخيمرة أبو عروة الهمداني الكوفي ، تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ دمشق ٤٩ / ١٩٦ رقم ٥٦٨٥.
(٤) هو عطية بن قيس أبو يحيى الكلاعي ، تقدمت ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ٤٠ / ٤٦٧ رقم ٤٧١٨.
(٥) كذا عند أبي شامة ، وفي مختصر ابن منظور : النهار.
(٦) في مختصر أبي شامة : أن لا ينام.