كانت بصنعاء ما هاجر من لخم وجذام ، فقال أبو حديرة : إنّ الله وضعنا في بلاده حيث شاء ، ثم ساق إلينا الهجرة ، فأسلمنا ، وقاتلنا ، ونصرنا ، فذلك الذي تقطع بحظنا ، فقال عمر : لكم حظكم مع المسلمين.
كذا في هذه الرواية ، وقد أسقط من إسناده أبو الخير.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله ، نا يعقوب (١) ، حدّثني سعيد بن كثير بن عفير المصري ، نا ابن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدّثه أن أبا الخير حدّثه :
أن عبد العزيز بن مروان قال لكريب بن أبرهة : أحضرت عمر بن الخطاب بالجابية؟ قال : لا ، قال : فمن يحدّثنا عنها؟ قال : كريب ، إن بعثت إلى سفيان بن وهب الخولاني ، حدّثك عنها ، فأرسل إليه فقال : حدّثني عن خطبة عمر بن الخطّاب يوم الجابية ، قال سفيان : إنه لما اجتمع الفيء أرسل أمراء الأجناد إلى عمر بن الخطّاب أن يقدم بنفسه ، فقدم ، فحمد الله وأثنى عليه ، : ثم قال : أمّا بعد ، فإنّ هذا المال نقسمه على من أفاء الله عليه بالعدل إلّا هذين الحيين من لخم وجذام ، فلا حقّ لهم فيه ، فقام إليه أبو حديرة الأجذمي فقال : ننشدك الله يا عمر في العدل ، فقال عمر : العدل أريد أنا أجعل أقواما أنفقوا في الظهر ، وشددوا الغرض وساحوا في البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم؟ ولو أن الهجرة كانت بصنعاء أو عدن ما هاجر إليها من لخم ولا جذام أحد ، فقام أبو حديرة فقال : إنّ الله وضعنا من بلاده حيث شاء ، وساق إليها الهجرة في بلادنا ، فقبلناها ونصرناها ، أفذلك يقطع حقّنا يا عمر؟ قال : لكم حقّكم مع المسلمين ، ثم قسم فكان للرجل نصف دينار ، فإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا ثم دعا ابن قاطوراء صاحب الأرض ، فقال : أخبرني ما يكفي الرجل من القوت في الشهر وفي اليوم؟ فأتى بالمدي (٢) والقسط ، فقال : يكفيه هذان المديان في الشهر ، وقسط زيت وقسط خل ، فأمر عمر بمدين من قمح ، فطحنا ثم عجنا ثم خبزا ثم أدمهما بقسطين زيت ، ثم أجلس عليهما ثلاثين رجلا ، فكان كفاف شبعهم ، ثم أخذ عمر المدين بيمينه والقسط بيساره ثم قال : اللهمّ لا أحلّ لأحد أن ينقصها بعدي ، اللهمّ فمن نقصها فأنقص من
__________________
(١) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٤٦٤ ومن هذا الطريق في الإصابة ٤ / ٤٧.
(٢) المدي : مكيال لأهل الشام يسع خمسة عشر مكوكا ؛ والمكوك : صاع ونصف.