وكان يؤاخي سلمان الفارسي. لم تقلّ الغبراء ، ولم تظل الخضراء على ذي لهجة أصدق منه (١).
قال أحمد بن حنبل (٢) ، حدّثنا إسماعيل ، حدّثنا أيوب عن أبي قلابة ، عن رجل من بني عامر قال :
كنت كافرا فهداني الله إلى الإسلام ، وكنت أعزب عن الماء ، ومعي أهلي ، فتصيبني الجنابة ، فوقع ذلك في نفسي ، وقد نعت لي أبو ذرّ ، فحججت ، فدخلت مسجد منى ، فعرفته ، بالنعت (٣) ، فإذا شيخ معروق (٤) آدم عليه [حلة](٥) قطريّ (٦).
وقال الأحنف بن قيس (٧) :
قدمت المدينة ، فدخلت مسجدها ، فبينما أنا أصلي إذ دخل رجل آدم طوال أبيض الرأس واللحية محلوق ، يشبه بعضه بعضا. قال : فخرج ، فاتّبعته ، فقلت : من هذا؟ قالوا : أبو ذرّ.
وفي صحيح مسلم (٨) : حدّثنا هدّاب بن خالد الأزدي [وقال محمّد بن سعد (٩) : أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أبو النضر قالا :](١٠) حدّثنا سليمان بن المغيرة (١١) ، أخبرنا حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت قال : قال أبو ذرّ :
خرجنا من قومنا غفار ، وكانوا يحلّون الشهر الحرام ، فخرجت أنا وأخي أنيس وأمّنا ، فنزلنا على خال لنا ، فأكرمنا خالنا ، وأحسن إلينا ، فحسدنا قومه ، فقالوا : إنّك إذا خرجت عن
__________________
(١) في الاستيعاب ٤ / ٦٤ (هامش الإصابة) روى بسنده إلى أبي الدرداء أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر.
(٢) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٨ / ٦٨ رقم ٢١٣٦٢ طبعة دار الفكر والإصابة ٤ / ٦٣.
(٣) رسمها في مختصر أبي شامة : «مالنعب» وفي مختصر ابن منظور : «فالتفت» والمثبت عن مسند أحمد.
(٤) تحرفت في مسند أحمد إلى : «معروف» ومعروق : قليل اللحم.
(٥) زيادة عن المسند.
(٦) قطري : بكسر القاف وسكون الطاء : ضرب من البرود ، في حمرة.
(٧) رواه الذهبي في سير الأعلام ٢ / ٥٠.
(٨) صحيح مسلم (٤٤) كتاب فضائل الصحابة (٢٨) باب رقم ٢٤٧٣ (ج ٤ / ١٩١٩).
(٩) ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢١٩.
(١٠) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش مختصر أبي شامة.
(١١) ومن طريقه رواه الذهبي في سير الأعلام (٣ / ٣٨٠) ط دار الفكر.