وأي شيء يكون آخره؟ قال له أبو صفوان : إن زهد في شيء من الدنيا ثم تمنعه بعد نفسه ، فإذا بلغ الغاية استصغر الدنيا.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا عبد الصمد بن أبي يزيد ، نا ابن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا سليمان سأل أبا صفوان ، ـ يعني الرعيني ـ أي شيء أول حدود الزهد؟ فقال له أبو صفوان : استصغار الدنيا.
قال أبو سعيد : سمعت جماعة ممن ينسب إلى علم ذلك يقولون : أول الزهد إخراج قدرها من القلب ، وآخره خروج قدرها حتى لا يقوم لها في القلب قدر ، ولا يخطر بباله رغبة فيها ، ولا زهد فيها ، لأن الرغبة والزهد لا يكونان إلّا فيما قام قدره في القلب.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قراءة ، عن أبي الحسين بن الآبنوسي ، أنا [أبو](١) القاسم بن عتاب ، أنا أحمد بن عمير ، إجازة.
وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنا [أبو](٢) الحسن بن سميع يقول في الطبقة السادسة : أبو صفوان الرعيني.
أنبأنا أبو طاهر بن الحنّائي ، أنا أبو علي الأهوازي.
وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنبأ سهل بن بشر ، أنبأ طرفة بن أحمد ، قالا : أنا عبد الوهاب بن الحسن ، أنا أبو الجهم بن طلاب ، ثنا أحمد هو ابن أبي الحواري ، قال : قلت لأبي صفوان الرعيني : أيّما أحب إليك يجلس ويجوع ويتفكر أو يأكل ويقوم يصلي؟ قال : يأكل ويقوم يصلي ويتفكر في صلاته أحب إليّ. فحدثت به مروان فأعجبه ، وحدّثت به أبا سليمان فقال : صدق أبو صفوان ؛ التفكر (٣) في صلاة خير منه في غير صلاة ، لأنه في الصلاة عملان ، وهو في غير الصلاة عمل. وعملان أفضل من عمل واحد ، فحدثت به بشر بن السري بمكة ، فأخذ حصاة من المسجد (٤) الحرام بمنزلة القمح فقال : لأن أنال من الجوع الذي وصفت مثل هذه أحبّ إلي من طواف الطائفين ، وصلاة المصلين ، وحج الحاجين ، وغزو الغازين.
__________________
(١) سقطت من الأصل.
(٢) سقطت من الأصل.
(٣) في مختصر ابن منظور : التفكير.
(٤) بالأصل : مسجد الحرام.