علمت أن لا ضمان عليّ ، ولكن لم يكن لتحدث قريش أنّ أمانتي خربت. فباع مالا له ، فقضاه.
قال هشام بن عبد الله بن عكرمة :
جاء المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي إلى أبي (١) بكر بن عبد الرّحمن يسأله في غريم ألطّ (٢) به ، فلمّا جلس قال له أبو بكر : قد أعانك الله على غرمك (٣) بعشرين ألفا ؛ فقال له من كان معه : والله ما تركت الرجل يسألك! فقال : إذا سألني فقد أخذت منه أكثر مما أعطيه.
قال مصعب بن عبد الله (٤) :
ذكر أن قوما من بني أسد بن خزيمة قدموا عليه يسألونه في دماء كانت بينهم ، فاحتمل عنهم أربع ديات ، ثم قال لابنه عبد الله بن أبي بكر : اذهب إلى عمّك المغيرة بن عبد الرّحمن فأعلمه ما حملنا من هذه الدّيات ، وسله المعونة. فذهب عبد الله (٥) إلى عمه ، فذكر ذلك له ، فقال المغيرة : أكثر علينا أبوك. فانصرف عنه عبد الله ، فأقام أياما لا يذكر لأبيه شيئا ، وكان يقود أباه إلى المسجد ، فقال له أبوه يوما : أذهبت إلى عمك؟ قال : نعم ، وسكت ، فعرف حين سكت عبد الله أنّه لم يجد عند عمّه ما يحبّ ، فقال له أبو بكر : يا بني ، لا تخبرني ما قال لك ، فإن لا يفعل أبو هاشم ـ يعني أخاه المغيرة ـ فربما فعل (٦) ، واغد غدا إلى السوق فخذ لي عينة (٧). فغدا عبد الله ، فتعيّن عينة من السوق لأبيه ، وباعها ، فأقام أياما ما يبيع أحد في السوق طعاما ، ولا زيتا غير عبد الله من تلك العينة ، فلمّا فرغ أمره أبوه أن يدفعها إلى الأسديين ، فدفعها إليهم.
عن عمر بن عبد الرّحمن (٨) :
__________________
(١) سقطت من مختصر أبي شامة.
(٢) لط الغريم : منع من الحق ، والغريم : الذي له دين.
(٣) الغرم : الدين.
(٤) رواه مصعب بن عبد الله الزبيري في نسب قريش ص ٣٠٤.
(٥) في نسب قريش : فذهب عبد الرحمن بن أبي بكر.
(٦) في نسب قريش : أفعل.
(٧) العين : بالكسر : السلف. وعيّن الرجل أخذ بالعينة أو أعطى بها. وباعه بعينة : بنسيئة لأنها زيادة. وقال الأزهري : عين التاجر تعيينا وعينة. وأكثر العلماء كرهوا الفقهاء (راجع تاج العروس : عين).
(٨) رواه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٥ والذهبي في سير الأعلام (٥ / ٣٥٣) ط دار الفكر.