وقال الشبلي :
مات أبي وخلف ستين ألف دينار سوى الضياع والعقار وغيرها ، فأنفقتها كلّها ، ثم قعدت مع الفقراء (١) حتى لا أرجع إلى مادي ، ولا أستظهر بمعلوم.
وقال أحمد بن عطاء (٢) : سمعت الشبلي يقول :
كتبت الحديث عشرين سنة ، وجالست الفقراء عشرين سنة.
وكان يتفقه لمالك. وكان له يوم الجمعة نظرة ، ومن بعدها صيحة. فصاح يوما صيحة تشوّش ما حوله من الخلق. وكان بجنب حلقته حلقة أبي عمران الأشيب ، فقال لأبي الفرج العكبري : ما للناس؟ قال : حردوا من صيحتك. وحرد أبو عمران وأهل حلقته. فقام الشّبلي ، وجاء إلى أبي عمران ، فلما رآه أبو عمران قام إليه ، وأجلسه إلى جنبه (٣) ، فأراد بعض أصحاب أبي عمران أن يري الناس [أن الشبلي جاهل ، فقال له : يا أبا بكر ، إذا اشتبه على المرأة دم الحيض بدم الاستحاضة كيف تصنع؟ فأجاب بثمانية عشر](٤) جوابا. فقام أبو عمران وقبّل رأسه ، وقال : يا أبا بكر ، أعرف منها اثني عشر ، وستة ما سمعت بها قط.
قال السّلمي (٥) : سمعت أبا عبد الله الرازي يقول :
لم أر في الصوفية أعلم من الشّبلي ، ولا أتمّ حالا من الكتاني (٦).
وقال السّلمي (٧) : سمعت أبا العباس محمّد بن الحسن البغدادي يقول : سمعت الشبلي يقول :
أعرف من لم يدخل في هذا الشأن حتى أنفق جميع ملكه ، وغرّق في هذه الدّجلة التي ترون سبعين قمطرا (٨) مكتوبا بخطه ، وحفظ «الموطّأ» ، وقرأ (٩) بكذا وكذا قراءة ـ عنى به نفسه ـ.
__________________
(١) الخبر في صفة الصفوة ٢ / ٤٥٦.
(٢) من طريقه رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٣ والذهبي في سير الأعلام ١٥ / ٣٦٨.
(٣) في تاريخ بغداد : بجنبه.
(٤) ما بين معكوفتين سقط من مختصر أبي شامة واستدرك للإيضاح عن تاريخ بغداد.
(٥) الخبر في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٣.
(٦) أراد أبا بكر محمد بن علي الكتاني بغدادي الأصل توفي سنة ٣٢٢ ه أخباره في الرسالة القشيرية ص ٤٢٧ ومواضع أخرى.
(٧) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٣ ورواه الذهبي في سير الأعلام ١٥ / ٣٦٩.
(٨) في مختصر أبي شامة : قمطر ، والمثبت عن تاريخ بغداد وسير الأعلام. والقمطر : السفط ، وما تصان فيه الكتب.
(٩) في سير الأعلام : وتلا.