أولا : إن نسبة ذلك إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» لا تجوز ، فإن ذلك يستبطن الطعن في نبوته «صلىاللهعليهوآله» ، على أساس أن القرآن قد صرح : بأن الإعجاب بالكثرة قد صاحبه اعتبار : أن الكثرة هي المعيار في النصر والظفر ، وليس التأييد الألهي ، ولذلك قبّح الله تبارك وتعالى ذلك منهم ، ولامهم وذمهم عليه ، مصرحا بأنهم : قد اعتمدوا على كثرتهم ، واعتبروا أنها تغنيهم وتكفيهم ، فقال سبحانه : (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً). رغم أن الله تعالى قد نصرهم في مواطن كثيرة تصل إلى ثمانين.
ثانيا : إننا لم نزل نسمع من الرسول الهادي «صلىاللهعليهوآله» التأكيد تلو التأكيد على أن النصر من عند الله ، وبمشيئته ، وتسديده ، وتوفيقه. وقد صرح القرآن بأن النصر لا يكون إلا من عند الله تعالى. والنبي «صلىاللهعليهوآله».
هو الذي كان يقرأ على الناس قوله تعالى عن بدر : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١). وهذه الآية إنما نزلت في سورة آل عمران ، التي نزلت في أيام بدر ، في أوائل الهجرة.
وقد فتح الله لهم مكة ، ونسب النصر فيها إلى نفسه أيضا ، فقال : (وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) (٢).
__________________
والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٦٢ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٨٩٥.
(١) الآية ١٢٦ من سورة آل عمران ، والآية ١٠ من سورة الأنفال.
(٢) الآية ٣ من سورة الفتح.