عليه وآله» من مسير حركته ، وان يدخل تغييرات أساسية على أوضاعه الأمنية ، والقتالية ، ليتمكن من تجاوز هذه المحنة بسلام.
ولكن هذا النبي «صلىاللهعليهوآله» العظيم والكريم لم يتخذ أي إجراء احتياطي حتى في هذه الحال الشديدة ، فلم يبحث عن مركوب يستطيع بحركته السريعة أن يمكّن من يمتطيه ، ليس من الخروج من ساحة القتال ، وإنما من حفظ نفسه ـ ولو من خلال المراوغة السريعة ـ من هجمات أعدائه المتتابعة.
بل بقي في موقع التحدي والتصدي ليحقق النصر ، الذي كان قد وعد الناس به ، فكان له ما أراد ، على يد أحب الخلق إلى الله تعالى ، وإليه ، وهو علي بن أبي طالب «عليهالسلام».
وليكون ذلك دليلا آخر على صدقه ، وعلى نبوته «صلىاللهعليهوآله» ، وعلى أنه متصل بالغيب ، ومؤيد بالله ، ومسدد بألطافه ، ومحاط بعناياته الظاهرة والخفية.
٣ ـ والذي زاد من وضوح هذه المعجزة الظاهرة ، وسطوع هذه الكرامة الباهرة : أنه «صلىاللهعليهوآله» يعلن للناس عن نفسه ، ويصرح لهم باسمه الشريف ، ليسمعه الأعداء منهم والأصدقاء على حد سواء.
ومضمون هذا الإعلان هو : إخبارهم بأنه سينتصر ، كما أخبرهم ، مضيفا إلى ذلك أنه قد جعل نفس النبوة رهينة بهذا النصر .. ويكون هذا منه في الوقت الذي يرى كل أحد أنه لا يملك شيئا ، يمكن أن يعطي أية فرصة مهما كانت ضئيلة لذرة من خيال لاحتمال نجاة له من عشرين ألف سيف يحيطون به ، بعد أن فرّ عنه جميع أنصاره ، وتركوه في بلاد عدوه وحيدا فريدا.