من هذا ..
فلو أنه بعد أن بلغ من الكبر عتيا .. ندم على ما فرط منه طيلة حياته الحافلة بالظلم والعدوان وقتل الناس .. كما اعترف به آنفا ، واعتزل في بيته على أقل تقدير ، ونصح من يأخذ عنه ، ويسمع منه بالعمل بما يحفظ لهم كرامتهم ، ويؤكد المعاني الإنسانية النبيلة فيهم ، لكان خيرا له ولهم ..
ولكنه بالرغم من ظهور عدم طاعة مالك له ، أصر على البقاء الذليل معه في ذلك الجمع. آملا أن يتمكن من عمل أي شيء ضد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ومن معه من المؤمنين. مع اعترافه لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، بأنه ليس كسائر الناس شمما وكرما ..
ومع اعترافه أيضا : أنه قد أظهر لمالك بن عوف ولغيره بأنه على معرفة تامة بما كان يجري في المنطقة من تحولات .. مما يعني : أنه يفعل ما يفعل عن سابق علم وتصميم ، وهذا يزيد في وضوح سوء نيته ، وخبث طويته ، وهو لا يستحق أي نوع من أنواع الرأفة والتسامح.
٣ ـ لقد أحسن هذا الشاب فيما أجاب به أمه حين عتبت عليه لعدم تكرّمه على ابن الصمة بالعفو عنه ، حيث أوضح لها : أنه لم يكن ليتكرم بما يوجب غضب الله ورسوله .. فقد قال لها : ما كنت لأتكرم عن رضا الله ورسوله (١).
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١١٢ و (ط دار المعرفة) ص ٧٢ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ والإصابة ج ٢ ص ٤٦٤ و (ط دار الكتب العلمية) ص ٣٨٧.