كانوا أكثر الناس انزعاجا منه ، وتبرما به.
يضاف إلى ذلك : أنه لم يكن لأهل مكة في صنع هذا النصر أي دور ، بل اقتصر دورهم على صنع الهزيمة ، لأنهم هم الذين كانوا في المقدمة ، وقد انهزموا وانهزم الجيش تبعا لهم. وذلك قبل أن يحصل أي احتكاك بينهم وبين المشركين. حسبما اتضح فيما سبق.
ولكن زعماء أهل مكة قد فرحوا بالغنائم التي سيقت إليهم ، ودقت أبوابهم ، ودخلت بيوتهم تلقائيا ، ومن دون أن يبذلوا في سبيلها أي جهد.
٥ ـ على أن ما ذكره : من أن كسر شوكة هوازن وثقيف قد أراح أهل مكة ، وصرف عنهم شر هؤلاء الجيران الأقوياء ، لا يعدو كونه مبالغات لا مبرر لها ، فإن أهل مكة لم يكونوا منزعجين من شرك هوازن ، كما أنهم هم أنفسهم لم يكونوا ـ في بادئ الأمر على الأقل ـ مخلصين لإسلامهم. بل إن قسما كبيرا منهم ما كانوا قد أعلنوا إسلامهم بعد ، وقد حضروا مع النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى حنين ، وهم بعد على شركهم. فلا يرون أن ثمة أي مباينة فيما بينهم وبين جيرانهم من هوازن وثقيف ..
٦ ـ وعن نزول آية : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١) بعد ، أو قبل غزوة حنين ، نقول :
إن ظاهر سياق كلام صاحب هذه المزاعم يعطي أنه لا يعترض على القول بنزولها بعد حنين ، بل لعل الصحيح أن نقول : إنه لم يقدر على رد القول : بأن آية العصمة من الناس قد نزلت بعد حنين ، لأن سورة المائدة كما
__________________
(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.