أطلق عليها المودة فبالعناية والمجاز ، بل طبيعة المودّة لشخص يوجب انصباغ صاحبها بصبغة من يحبه ، والتكيّف بكيفه ، والتخلف في مورد أو موارد لا يضر في هذا المجال لاختلاف مراتب الود.
وبعبارة ثالثة : تصبح المودّة لأهل بيت النبي الذين هم أحد الثقلين (١) وسفينة النجاة (٢) وورثة علم الرسول وحملة أحكام الدين ، سبباً لإغناء الأمّة من الناحية الدينية عن الرجوع إلى غيرهم ، ووسيلة لإزالة كل احتياجاتها ، فعند ذلك يكون طلب المودة كمثل قول الطبيب المعالج لمريضه ـ بعدما يفحصه بدقة ، ويكتب له نسخة ـ : « لا أطلب منك أجراً إلاّ العمل بهذه الوصفة » ، فهو في الظاهر أجر مطلوب ربّما يوجب نشاط الطبيب وسروره القلبي إذا رأى أنّ مريضه قد استعاد صحته ولكنّه قبل أن يرجع نفعه إلى الطبيب يعود نفعه إلى المريض.
وبملاحظة هذه الأمور يتضح أنّ الهدف النهائي من طلب المودّة لأقربائه هو دفع الناس إلى الاقتداء بهم واتباعهم لهم في شؤون الدنيا والآخرة ، وهذا سبب لوعي الأمّة وتكاملها ، في المرحلتين : الفكرية والعملية.
إذا عرفت هذه الأمور وقفت على أنّه لا تناقض بين هذه الآية الناصّة على طلب المودة أجراً على الرسالة وبين الآيات المتضافرة الناصّة على أنّ الأنبياء لا يطلبون أي أجر من أُممهم.
ووجه عدم المنافاة واضح جداً ، لأنّ المودة ـ كما أسلفناه ـ وإن كانت مطلوبة بصورة الأجر إلاّ أنّ نتيجتها عائدة إلى ذات الأمّة لأنّها سبب رقيّها مدارج
__________________
(١) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً » حديث رواه الفريقان.
(٢) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق » رواه جمع من المحدِّثين من العامة والخاصة.