٦
الشفاعة في الأدب العربي
لم يكن شعر السلف الصالح مجرد ألفاظ مسبوكة في بوتقة النظم ، أو كلمات منضّدة على أسلاك القريض فحسب ، بل كان شعرهم حافلاً بالأبحاث الراقية من المعارف المستقاة من الكتاب والسنّة وشاملاً لدروس عالية من الفلسفة والعبر والموعظة الحسنة والأخلاق (١).
كما أنّ الشعر يؤرّخ الأحداث أصدق تاريخ ، ويخلد الوقائع أبعد تخليد ، ألست عندما تسمع أحداً ينشد قول الأنصار عند طلوع النبي في هجرته إلى المدينة :
طلع البدر علينا |
|
من ثنيّات الوداع |
تتذكر قدوم الرسول وهجرته من دار موطنه إلى دار هجرته ، وتلك الحفاوة الجماهيرية البالغة ، وذلك الاحتفال العظيم بشكل لا يمكن أن تصوره الكلمات المبعثرة المنثورة.
على أنّ الشعر الذي يدور حول المعارف الموجودة في الكتاب والسنّة خير مرآة للمراد من الآيات والأحاديث الواردة في هذا المضمار ، فإنّ العرب كانوا بفطرتهم السليمة يفهمون ما هو المقصود من الآية والحديث ، ثم يصوغونه في
__________________
(١) اقتباس من ما ذكره العلاّمة المحقق الأميني في غديره : ٢ / ٣.