شعرهم من دون أن يتأثروا في فهمه بالآراء المسبقة أو الأفكار المفروضة عليهم ، مثلاً اتفق المؤرخون على أنّ النبي الأكرم قام في يوم الغدير وألقى خطابه في ذلك المحتشد ، وقال في حق علي عليهالسلام :
« من كنت مولاه فهذا علي مولاه » ولكن المتأخرين عن زمن الرسالة اختلفوا فيما يقصده النبي من تلك الجملة في هذا المحتشد العام ، ولكن إذا رجعنا إلى ما صاغه حسان بن ثابت شاعر عهد الرسالة حول هذا الموضوع وكان حاضراً في ذلك المشهد ، يتجلّى مفاد الحديث بأجلى مظاهره ، ويصير شعره مرآة اللغة ، وقرينة على المراد فإنّه قام ـ بعد ما ألقى النبي خطابه التاريخي ـ وألقى شعراً ارتجالياً في محضره وقال :
يناديهم يوم الغدير نبيهم |
|
|
|
|
بخم واسمع بالنبيِّ مناديا |
فقال فمن مولاكم ونبيكم |
|
|
|
|
فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا |
إلهك مولانا وأنت نبينا |
|
|
|
|
ولم تلق منا في الولاية عاصيا |
فقال له قم يا علي فإنّني |
|
|
|
|
رضيتك من بعدي إماماً وهاديا |
ولأجل ذلك أفردنا فصلاً لذكر الآبيات الواردة حول الشفاعة التي نظمت في العهود السابقة ، وبالتدبّر فيها يرتفع كثير من الإبهامات التي نسجتها أوهام المتأخرين حولها ، ويُعلم أنّ الشفاعة كانت أمراً مسلماً عند السلف الصالح ، وكان طلبها من أصحابها أمراً جائزاً رائجاً ، ولا نأتي في هذا الفصل إلاّ بقليل من كثير ، فإنّ الإشباع وبسط الكلام لا تتحملهما هذه الرسالة.