العامة خلق كثير لا يحصى عددهم ، فضرب إلى تمام الألف السوط وما استعفى ولا تأوه ، بل لما بلغ ستمائة سوط. قال لمحمّد بن عبد الصّمد : ادع بي إليك فإن عندي نصيحة تعدل فتح القسطنطينية ، فقال له محمّد : قد قيل لي إنك ستقول هذا وما هو أكثر منه! وليس إلى رفع الضرب عنك سبيل. ولما بلغ ألف سوط قطعت يده ، ثم رجله ، ثم يده ، ثم رجله ، وحز رأسه ، وأحرقت جثته ، وحضرت في هذا الوقت وكنت واقفا على ظهر دابتي خارج المجلس ، والجثة تقلب على الجمر ، والنيران تتوقد ، ولما صارت رمادا ألقيت في دجلة ، ونصب الرأس يومين ببغداد على الجسر ثم حمل إلى خراسان وطيف به في النواحي ، وأقبل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما ، واتفق أن زادت دجلة في تلك السنة زيادة فيها فضل ، فادعى أصحابه أن ذلك بسببه ، ولأن الرماد خالط الماء ، وزعم بعض أصحاب الحلاج أن المضروب عدو الحلاج ألقى شبهه عليه ، وادعى بعضهم أنهم رأوه في ذلك اليوم بعد الذي عاينوه من أمره ، والحال الذي جرت عليه ، وهو راكب حمارا في طريق النهروان ففرحوا به ، وقال : لعلكم مثل هؤلاء البقر الذي ظنوا أني أنا المضروب والمقتول. وزعم بعضهم أن دابة حولت في صورته ، وكان نصر الحاجب بعد ذلك يظهر الترثي له ويقول : إنه مظلوم ، وإنه رجل من العباد. وأحضر جماعة من الوراقين وأحلفوا على أن لا يبيعوا شيئا من كتب الحلاج ولا يشتروها.
حدّث عن الحسن بن أبي زكريّا الأنصاريّ ، عن عبد العزيز بن أبي روّاد. روى عنه محمّد بن مخلد الدوري.
ابن عم عبد الله بن عبد الوهّاب ، من أهل البصرة. قدم بغداد وحدّث بها وبسر من رأى عن الرّبيع بن يحيى الأشناني ، وشاذ بن فياض ، وعبيد الله بن محمّد بن عائشة ، وكثير بن يحيى ، وعبيد بن عبيدة التّمّار ، وأحمد بن عبدة الضّبّيّ ، وسلمة بن شبيب. روى عنه أبو مزاحم الخاقاني ، وأحمد بن سلمان النّجّاد ، وعبد الله بن إسحاق بن الخراساني ، والحسين بن القاسم الكوكبي.
__________________
٤٢٣٤ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٢٨٣.