بعد أن بدلت الكلمة ـ فقال لي إنسان بحضرته : ما أشد ولو عك بذكر الفراق في شعرك؟ فقال أبو سليمان : وأى شيء أمر من الفراق؟
ثم حكى عن محمّد بن حبيب عن عمارة بن عقيل عن بلال بن جرير أنه قيل له ما كان أبوك صانعا حيث يقول :
لو كنت أعلم أن آخر عهدكم |
|
يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل |
قال : كان يقلع عينه ولا يرى مظعن أحبابه.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّي قال سمعت أبا الحسن حيدرة بن عمر الزندوردي الفقيه الداودي ـ بمكة ـ يقول سمعت أبا بكر محمّد بن داود بن عليّ يقول سمعت أبي وقال له رجل : يا أبا سليمان فعلت كذا وكذا شكر الله لك قال : بل غفر الله لي.
قال : وسمعت حيدرة بن عمر يقول سمعت أبا العبّاس محمّد بن عليّ الفقيه يقول : كان محمّد بن جرير من مختلفة داود بن عليّ ، ثم تخلف عنه وعقد مجلسا ، فلما أخبر بذلك داود أنشأ يقول :
فلو أني بليت بهاشمي |
|
خئولته بنو عبد المدان |
صبرت على أذيته ولكن |
|
تعالى فانظري بمن ابتلاني |
قلت : وكان داود قد حكى لأحمد بن حنبل عنه قولا في القرآن بدعه فيه وامتنع من الاجتماع معه بسببه.
فأنبأنا أبو بكر البرقانيّ حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي حدّثنا أحمد بن طاهر ابن النّجم حدّثنا سعيد بن عمرو البرذعيّ. قال : كنا عند أبي زرعة ، فاختلف رجلان من أصحابنا في أمر داود الأصبهانيّ والمزني ، وهم فضل الرّازيّ ، وعبد الرّحمن بن خراش البغداديّ ، فقال ابن خراش : داود كافر ، وقال فضل المزني : جاهل ، ونحو هذا من الكلام ، فأقبل عليهما أبو زرعة يوبخهما وقال لهما : ما واحد منهما لكما بصاحب ، ثم قال : من كان عنده علم فلم يصنه ، ولم يقتصر عليه. والتجأ إلى الكلام ، فما في أيديكما منه شيء. ثم قال : إن الشّافعيّ لا أعلم تكلم في كتبه بشيء من هذا الفضول الذي قد أحدثوه ، ولا أدرى امتنع من ذلك إلا ديانة ، وصانه الله لما أراد أن ينفذ حكمته ، ثم قال : هؤلاء المتكلمون لا تكونوا منهم بسبيل فإن آخر أمرهم يرجع إلى شيء مكشوف ينكشفون عنه ، وإنما يتموه أمرهم سنة ، سنتين ، ثم ينكشف ، فلا