من أصحاب القاضي قال فعدل الرجل ولم يعدل أبا دلامة فقال القاضي للمرأة : زيديني شهودا ، فأتت المرأة أبا دلامة فأخبرته ، فأتى أبو دلامة ابن أبي ليلى فأنشده فقال :
إن الناس غطوني تغطيت عنهم |
|
وإن بحثوا عني ففيهم مباحث |
وإن حفروا بئري حفرت بئارهم |
|
ليعلم قومي كيف تلك النبائث |
فقال ابن أبي ليلى : يا أبا دلامة قد أجزنا شهادتك ، وبعث ابن أبي ليلى إلى المرأة فقال لها كم ثمن حمارك؟ قالت : أربعمائة ، فأعطاها أربعمائة.
أخبرنا أحمد بن عبد الواحد الوكيل أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدّثنا أبو جعفر النوفلي أخبرني محمّد بن صالح الهاشميّ عن أبيه. قال : دخل أبو دلامة الشّاعر على أبي جعفر ، فحدّثه وأنشده ، فأجازه وكساه ، وكان فيما كساه ساج ، ثم خرج من عنده إلى بني داود بن عليّ ، فشرب عندهم حتى اشتد سكره. فبلغ ذلك أبا جعفر ، فأرسل إليه فأتى به ، وجاذب أبو دلامة الرسول ، حتى تخرق ساجه ، ثم أمر به إلى السجن ، وأمر السجان أن يسجنه في بيت مع دجاج لتصغر إليه نفسه ، ففعل ذلك به السجان ، فانتبه في جوف الليل فنادى جاريته ، فأجابه صاحب السجن : طعنة في كبدك. فقال له أبو دلامة : ويلك من أنت؟ وأين أنا؟ قال سل نفسك ، وأين كنت عشي أمس ، فاستحلفه أبو دلامة من أنت؟ قال : أنا السجان ، أنا فلان صاحب السجن. قال ومن أدخلني عليك؟ قال بعث بك أمير المؤمنين وأنت سكران ، وأمرني أن أحبسك مع الدجاج ، فقال له أبو دلامة أحب أن تسرج لي ، وتأتيني بدواة وقرطاس ، ولك عندي صلة ، ففعل السجان ، فقال أبو دلامة :
أمن صهباء صافية المزاج |
|
كأن شعاعها لهب السراج |
تهش لها القلوب وتشتهيها |
|
إذا برزت ترقرق في الزجاج |
أمير المؤمنين فدتك نفسي |
|
ففيم حبستني وخرقت ساجي |
أقاد إلى السجون بغير ذنب |
|
كأني بعض عمال الخراج |
فلو معهم حبست لكان ذاكم |
|
ولكني حبست مع الدجاج |
دجاجات يطيف بهن ديك |
|
ينادي بالصياح إذا يناجي |
وقد كانت تحدثني ذنوبي |
|
بأني من عذابك غير ناجي |
على أني وإن لاقيت شرا |
|
لخيرك بعد ذاك الشر راجي |