وجه لإرجاعها إلى صنف دون صنف ، بعد كونها من خواص الطبيعة الإنسانية ما لم تقع تحت رعاية الله وهدايته.
وبذلك يتبيّن أنّ الضلالة في الآية ـ لو فسرت بضد الهدى والرشاد ـ لا تدل على ما تدّعيه المخطّئة ، بل هي بصدد بيان قانون كلي سائد على عالم الإمكان من غير فرق بين الإنسان وغيره ، وفي الأوّل بين النبي وغيره.
حول الاحتمالين الآخرين
ولكن هذا المعنى غير متعين في الآية إذ من المحتمل أن تكون الضلالة فيها مأخوذة من « ضل الشيء : إذا لم يعرف مكانه » و « ضلت الدراهم : إذا ضاعت وافتقدت » و « ضل البعير : إذا ضاع في الصحارى والمفاوز » وفي الحديث : « الحكمة ضالة المؤمن أخذها أين وجدها » أي مفقودته ولا يزال يتطلبها ، وقد اشتهر قول الفقهاء في باب « الجعالة » : « من رد ضالّتي فله كذا ».
فالضال بهذا المعنى ينطبق على ما نقله أهل السير والتاريخ عن أوّليات حياته من أنّه ضل في شعاب مكة وهو صغير ، فمنَّ الله عليه إذ ردّه إلى جدّه ، وقصته معروفة في كتب السير (١).
ولولا رحمته سبحانه لأدركه الهلاك ومات عطشاً أو جوعاً ، فشملته العناية الإلهية فردّه إلى مأواه وملجأه.
وهناك احتمال ثالث لا يقصر عمّا تقدمه من احتمالين ، وهو أن تكون
__________________
(١) لاحظ السيرة الحلبية : ١ / ١٣١ ويقول : عن حيدة بن معاوية العامري : سمعت شيخاً يطوف بالبيت وهو يقول :
يا رب رد راكبي
محمداً |
|
أردده ربي واصطنع
عندي يداً |