من الناس فسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار ، وتناول النفوس المحرمة ، وتضييع الحقوق ، وتعطيل الحدود ، وقال الجمهور من أهل الاثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع بهذه الأُمور ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي الله ، إذ احتجوا في ذلك بأخبار كثيرة متضافرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمّة وإن جاروا واستأثروا بالأموال وانّه قال عليهالسلام :
« واسمعوا وأطيعوا ولو لعبد أجدع ، ولو لعبد حبشي ، وصلّوا وراء كلِّ برٍّ وفاجر ».
وروي أنّه قال : « وان أكلوا مالك وضربوا ظهرك وأطيعوهم ما أقاموا الصلاة » (١).
٥. وقال الشيخ نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد النسفي ( المتوفّى عام ٥٣٧ ه ) في « العقائد النسفية » :
ولا ينعزل الإمام بالفسق والجور ... ويجوز الصلاة خلف كلِّ بَرٍّ وفاجر. وعلله الشارح التفتازاني بقوله : لأنّه قد ظهر الفسق واشتهر الجور من الأئمّة والأُمراء بعد الخلفاء الراشدين ، والسلف كانوا ينقادون لهم ويقيمون الجُمع والأعياد بإذنهم ولا يرون الخروج عليهم (٢).
وقد أُيّدت تلك العقائد بروايات ربّما يتصوّر القارئ أنّ لها مسحة من الحق أو لَمْسة من الصدق ، لكن الحق أنّ أكثرها مفتعلة على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد
__________________
(١) التمهيد : ١٨٦ ، ط القاهرة.
(٢) شرح العقائد النسفية : ١٨٥ ـ ١٨٦.