ولا تزال أشواقهم متضاعفة إلى ما قرب من مراده ، وأريحيتهم (٦) مترادفه نحو إصداره وإيراده ، وأسماعهم مصغية إلى استماع (٧) أسراره ، وقلوبهم مستبشرة بحلاوة تذكاره.
فحياهم منه بقدر ذلك التصديق ، وحباهم من لدنه حباء البر الشفيق.
فما أصغر عندهم كل ما شغل عن جلاله ، وما أتركهم لكل ما باعد من وصاله ، حتى أنهم ليتمتعون بأنس ذلك الكرم والكمال ، ويكسوهم أبداً حلل المهابة والجلال.
فإذا عرفوا أن حياتهم مانعة عن (٨) متابعة مرامه ، وبقاءهم حائل بينهم وبين إكرامه ، خلعوا أثواب البقاء ، وقرعوا أبواب اللقاء ، وتلذذوا في طلب ذلك النجاح ، ببذل النفوس والأرواح ، وعرضوها لخطر السيوف والرماح.
وإلى ذلك التشريف الموصوف سمت نفوس أهل الطفوف ، حتى تنافسوا في التقدم إلى الحتوف ، وأصبحوا (٩) نهب الرماح والسيوف.
فما أحقهم بوصف السيد المرتضى علم الهدى (١٠) رضوان الله عليه ، وقد مدح
__________________
(٦) ر : وأريحتهم.
والأريحي : الواسع الخلق النشيط إلى المعروف ، وهو أيضاً : السخي الذي يرتاح للندى ، وراح لذلك الأمر رواحاً وأريحية ورياحةً : أشرق له وفرح به وأخذته له خفة وأريحية ، لسان العرب ٥ / ٣٥٩ روح.
(٧) ر : اسماع.
(٨) ر : من.
(٩) ع : وأضحوا.
(١٠) أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام الكاظم عليهالسلام ، نقيب الطالبيين ، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر ، مولده ووفاته ببغداد ، روى عن جماعة كالشيخ