القبض على جمرة الإيمان وصون الدين ، اللذين نمى بهما لحمه واشتدّ ساعده ، فأبى إلاّ أن يخلص لهما وينصهر فيهما.
وإن سار بنا المطاف أن نكتب فيه شاعراً ...
فهو بحقّ من أجلى وأوضح نماذج النفر الذين نزل بهم الاستثناء المنادى به في الآية المباركة : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * ... إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ...) (١).
وهو المثال الساطع الذي بدّد غيوم الوهم وأزال العجب من أذهان الذين تساءلوا عن كيفية الجمع بين الدين والشعر ، فتراه القلب الذي امتلأ حسّاً مرهفاً وإيماناً عميقاً ..
وقد جهر بها مراراً : «إنّ دين الإسلام الذي ينسَب له التناقض مع الشعر استعان في شتّى مراحله بالشعر والشعراء. وإن كان يثار على الشعر مسألة التخيّل والمبالغة والكذب ـ الأبيض طبعاً ـ وغيرها من أدواته التي تقتضيها طبيعة أساليبه ، فإنّ الإسلام بإقراره للشعر فهو يقرّ لأدواته ولغته الخاصّة أيضاً».
ثم يذكر (رحمه الله) الكثير من الشواهد ، نشير إلى واحدة منها هنا ، وهو قول النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) :
«إنّ من البيان لسحراً ، وإنّ من الشعر لحكمة».
نعم ، لقد جمع السيّد الراحل بين الإيمان الديني العميق والحسّ
__________________
١. سورة الشعراء : ٢٢٤ ـ ٢٢٧.