الحاضر تَشَكُّلُهُ بالفعل على نموذج الماضي ، من حيث القيم والمفاهيم وأنماط السلوك» ...
ودعم حسن حنفي هذا التوجّه حين افترض قراءة اليسار المتجدّد للتراث قراءةً كاشفة «قراءة للماضي في الحاضر ورؤية للحاضر في الماضي». إلاّ أنّ أبازيد يحذّر من التمادي في هذا النوع من التأويل ; خشيةً من ضياع الدلالات التاريخيّة المتنوّعة للنصّ الواحد «فنضحّي بالابتسمولوجي لحساب الإيديولوجي».
نقول : يلعب الحاضر دوراً هامّاً رئيساً في ديمومة الماضي ومعرفة آفاقه وكيفيّة التعامل مع تأثيراته ، ولاسيّما أنّ الماضي وتراثه ليسا جامدين حتى يزولا بزوال أصحابهما.إنّنا نأخذ منهما ما يخدم يومنا وغدنا ، انطلاقاً من كون التاريخ ليس مجرّد عمليّة تدوين للوقائع والأحداث ، إنّ التاريخ بماضيه وتراثه يظلّ حيّاً نابضاً بأفكاره ومضامينه في الوجدان البشري ، إنّه ينعش النفوس ويوقظ الضمائر على وقع القيم والمفاهيم والمبادئ التي كم سعت السياسات والقوانين والتيّارات إلى محوها وطمسها.
أمّا الفكر الحديث فقد اختلف في كيفيّة التعامل مع التراث ، فهناك من يدعو إلى فكّ أيّ ارتباط معه ، انبثاقاً من فصل الأصالة عن الحداثة ، وهناك من هو على العكس ، وثالث يؤمن بالتواصل بين الماضي والحاضر خدمةً للمستقبل وتطويره مع الالتزام بالثوابت والانتماء الذاتي.