الإسلام الذي بامكانه ـ نسقاً ونظاماً ومحتوىً وممارسةً ـ مواجهة الواقع والتحدّيات المفروضة ، الإسلام الذي يتناغم مع حنايا الإنسان وأعماقه ومشاعره. وهذا الإسلام إسلام واحد لا ضرورة إلى تشطيره وتفكيكه إلى إسلامات متعدّدة كما يرى محمّد أرگون ، الإسلام الذي يخضع لثوابت وشروط واُصول واحدة ، واختلاف الفهم والتأويل لا يعني تعدّد الإسلامات ، وإلاّ لعمّت الفوضى في كلّ أركان الكيان حتى في أدقّ خليّة منه ، فلا يبقى للإسلام إلاّ لفظة تقال أو تراث ربما تتذكّره الأجيال أوْ لا.
ولقد استدلّ المدافعون عن الإسلام الذي نؤمن به بالانفتاح والعقلانيّة التي نحملها في أدبيّاتنا وثوابتنا وممارساتنا ، بالدعوة مثلاً إلى نبذ الطائفيّة واحترام كلّ الطوائف والأديان ، بالدعوة إلى فتح أبواب الاجتهاد ، بالدعوة إلى تكريس الحوار ونبذ العنف والتحلّي بقيم الدين الذي يؤمن بالعقل ودوره في إخماد الصراعات والفتن والمغامرات الخاسرة.
نقول : تبنّى بعض النقّاد عندنا اُسساً جديدة للإبداع الفلسفي ذي هويّة عربيّة شرقيّة أو إسلاميّة اجتهاديّة ، ممّا أتاح بناء فضاء رحب في شتّى العلوم والمعارف يُستنشَقُ منه نسيم الأمل بفضاء يزيل الجمود والتحجّر ويعالج قصر الإدراك والفهم لمتطلّبات الحاضر والتطلّعات الجديدة على القاعدة المشار إليها من حفظ الاُصول والثوابت والتعامل الانتقائي مع الوارد والوافد من هنا وهناك. ولا شكّ أنّ الأمر يتطلّب التسلّح بأرقى مراتب البحث والمعرفة والفهم السليم ، وهذا ما يستدعي