جورج طرابيشي وهشام غصيب .. مع الأخذ بنظر الاعتبار افتقار مشروع الجابري المثالي إلى عدّة نماذج لاستيعاب هذه المرجعيّة المتعدّدة الأطراف ; إذ نظام الثقافة الشمولي لا يتوقّف عند مجرّد تجسيد تصوّرات معيّنة لمستويات الذهن والواقع ، ولاسيّما أنّ العقل يغور في كلّ الأروقة والآفاق.
ولقد بُذِلت جهودٌ من أجل إيجاد «مناطق ثقافة حرّة» تتلاقح فيها مختلف الحضارات والعقول في «هذه المنطقة المحايدة» على ضوء المشتركات والتقاطعات الممكنة .. إلاّ أنّ التباينات الفكريّة والعقائديّة جعلت من التراثيّات ساحة شجار ونزاع لا تلاقي ، رغم كلّ محاولات «الأنسنة الإسلاميّة» التي قام بها البعض من أجل درء هكذا شجارات ونزاعات فكريّة وعقائديّة.
وهذا ما يفسّر برأينا ضرورة التفكير باُطر وآليّات وأدوات اُخرى تجعلنا مثل «كاسب الطهورين» الذي ما إن افتقد أصلاً التجأ إلى أصل آخر يحميه من الانحراف والخروج عن بوتقة الانتماء والهويّة ، الأمر الذي يجعلنا في وقت واحد متمسّكين بثوابتنا واُصولنا وتراثنا المفيد ، منفحتين على الجديد والحديث انتقائيّاً ، أي نأخذ الذي يلائم ثقافتنا وقيمنا ومبادئنا ونترك الذي لا يلائم.
إنّ الإسلام الذي بإمكانه توفير مثل هذه الظروف العلميّة المعرفيّة والواقعيّة ليس «إسلام النفط» كما يسمّيه فؤاد زكريّا وجابر عصفور ، بل