إلى حدّ قبول أيّة رواية جديدة للتراث وإن أتتنا من ملل مختلفة ، وإلاّ وقعنا في دوّامة الاختزال والاستبداد ، الاحتكار والتسلّط.
وفي السياق ذاته انقسم الاستشراق إلى جهتين :
إحداهما : سعت إلى تحميل رواشحها الفكريّة على التراث وبيان نتاجاته طبق بناها ومعتقداتها الايديولوجيّة والفلسفيّة.
واُخرى : تمكّنت من فهم آليّة التعامل الصحيح مع التراث على ضوء ثوابته واُصوله. ومع ذلك ، فإنّ نقّاداً إسلاميّين ، أمثال نديم البيطار وأنور الجندي وهشام جعيط وحازم صاغية وغيرهم ، عدّوا ذلك غير كاف ; إذ سدّ الثاني ـ كما يرون ـ منافذ الفهم الصحيح وضيّق بل أغلق على البحوث والمطالعات والدراسات الدينيّة آفاق الانفتاح والشموليّة ، فالاستشراقيّون حوّلوا هويّة القطّاعات الاستشراقيّة إلى مصاديق من التفكير المثالي ; إنّهم بذلك أظهروا عجز العالم الإسلامي عن معرفة ذاته لتطويرها.
لذا فإنّ أيّة دراسة أو تحليل أو قراءة للتراث ـ سواء كانت منّا أو من الغير ـ لابدّ أن تتناول التراث بأكمله غير مشطّر ولا مفكّك ولا مهملة وظيفة من وظائفه أو عنصر من عناصره.
من هنا فقد بُنيَتْ حقولٌ للخوض في خصائص التراث ومزاياه ، وكانت المشاريع العقليّة هي الرائد فيها ، ممّا أوجد مطارحات ومناظرات ومساجلات حول موضوع «العقل العربي» بالذات وطرحت إشكاليّة مرجعيّة مثل هذه المشاريع ، أو هل هناك عقل عربي حقّاً كما هو رأي