واُحلّل كي أستنطق وأستنتج ... لأفهم فهماً صادقاً ضررَ الأغلفة والقشور والمسارح وخاويات العروض.
وحينما شرعت بالتعلّم بدأتُ ـ طرديّاً وتصاعديّاً على شتّى الجهات ـ أستوعب مقداراً من معنى الاتّزان والتوازن ، اللذين يخرجان الفكر والممارسة من حيّز المراهقة والتأرجح والتهوّر إلى فضاءات النضج والثبات والتعقّل ، فوجدتُ كم قادني جهلي وغروري واندفاعي العاطفي إلى ارتكاب أخطاء ليس من السهل معالجتها وإصلاحها ، ووددت لو ترجع عجلة العمر إلى الوراء كي لا أجني على ذاتي وغيري بحماقات طالما أرّقتني وسلبتني لذّة الوسن وراحة البال ، ولقد بكيتُ وذرفت حمر الدموع لضياع السنين الكثر بين هذا وذاك. ولا أدّعي أبداً تخلّصي من مشكلات الذات وتوابعها ، لكنّي قد أدّعي حصول بعض التغيّر على صعيد التعامل معها بنحو فيه شيءٌ من النضج والاستيعاب.
أعترف بضعفي حيال المديح والإطراء ، فلا أتمالك نفسي وأكاد أطير فرحاً بمجرّد تلقّي شيئاً منهما ، مثلما اعترف بضعفي إزاء النقد والذمّ .. لكنّي في الثانية أكاد اُسيطر على أحاسيسي ، ولاسيّما بعد مضيّ بعض الوقت ، فيتحوّل النقد والذمّ إلى موضوع أتحدّى به ضعفي ومواطن الخلل والنقص في ذاتي ، وتغدو العمليّة برمّتها عمليّة إثبات وتأكيد حضور ، إثبات التغيّر بحضور فاعل وممارسة واعية تنير بقاع العتمة وتفتح لي الآفاق صوب معرفة حقيقيّة صادقة.