إنّ المعاناة والحاجة هي التي تثير الهمم نحو بلوغ الحلول ، تلك الحلول التي تصنعها المناهج السليمة عبر الأدوات المناسبة ; فلا يمكن للترف والمساوئ أن يصنعا فكراً خيّراً ; إذ ليس الفكر إلاّ عصارة التاريخ واللغة والعلم ، فلنا خصائصنا التي بها ومنها وفيها ننطلق لنلبّي الحاجة ونرفع المعاناة ، والذات هي مبدأ الحاجة وقطب المعاناة ، فالحلّ لابدّ أن يشرع بها لتضطرد الرحلة نحو الأكبر فالأكبر .. لكنّ الإشكال في أنّني أنسى وأتغافل الذات ـ بل ربما أعتقدها خارجةً موضوعاً لعدم افتقارها إلى الإصلاح والتغيير ـ فانطلق إلى ما سواها ، وحيث يصاحبني الخلل والنقص منذ الوهلة الاُولى فالنتائج فاشلة بلا ريب (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).
إنّ اعتنائي بذاتي قد يكون بفعل حبّي لها وغطرستي .. لكنّه قد يفسَّر أيضاً بأ نّه محاولة للإصلاح والتغيير ، ولعلّ الأرقى في القضيّة إيجاد الشفّافيّة الداخليّة التي تساعد كثيراً على تشخيص النقص والخلل ، ومن المؤكّد أنّ الحوار الذاتي الحقيقي إن حصل فإنّه سيكشف بوضوح عن الذات الموافقة والذات المعارضة ، إذ ليس من الضروري أن يكون «الآخر» خارج الذات ، فهو قابع أيضاً بين ثناياها بلا شكّ ، بل هو منها وتكوينٌ من تكويناتها ، فلا مهرب من الصراع ، ولا مخلص من مفترق الطريق ، والانتخاب تابعٌ لمقدّماته.
مشكلتي أنّني أكذب واُنافق وأخون وأسرق وأتزلّف وأتحامل وأكره وأنتقم وأستكبر وأمنّ وأتصنّم وأتذيّل وأظلم وأتجاوز ... بما لهذه