ما خضناه في ميادينها ومظانّها ، لكنّا لازلنا قاصرين عن إثبات كثير من الاُمور التي نذبّ عنها ونضحّي لأجلها ، ليس سوى لأ نّنا ارتضينا تناول الغذاء الجاهز تعبّداً ، نحن لا نشكّك سوى في فهمنا ودركنا لا في شيء آخر ، هذا التشكيك الذي أضعفنا على صعيد البحث والاستدلال والإثبات وجعلنا نهتزّ ونضطرب وتركبنا الفوضى في الوهلة الاُولى ، سواءٌ حينما يهاجمنا المناوئ أو لمّا يؤاخذ علينا الموافق.
طريقنا للفلاح : التمتّع بثقة عالية بثقافتنا مقرونة بالمتانة والسكينة والاطمئنان ، وهذا ما لا يحصل إلاّ بتوفّر المقدّمات الممّهدة : من مناهج علميّة سليمة ورؤى معرفيّة صحيحة .. إلى الأخذ بعين الاعتبار دقّة الملاحظة والضبط والتجربة الكافية والقدرة على الحوار بنَفَس عميق وصبر ورغبة وشوق وأمانة في تحمّل المسؤوليّة ...
لا ننسى أنّ العلم ليس بكثرة التعلّم ، فكم من اُناس قضوا العمر بالتعلّم وحازوا على كمٍّ هائل من العلم لكنّهم لم يحسنوا الاستفادة منه ; إذ لابدّ من تآلف العقل والعلم ليكوّنا كياناً معرفيّاً متجانساً فاعلاً مؤثّراً.
ناهيك عمّن حملوا ورفعوا شارة العلم دون أن يتمتّعوا بأوّليات العلم والمعرفة ، وكلّما مرّت الأيّام ازداد هؤلاء كثرةً وسيطروا على الموقف ، ممّا أدّى إلى تراجع العمق والمحتوى تراجعاً مأساويّاً وتعالي القشور والمظاهر تعالياً كارثيّاً ، وصار البحث والفحص والحفر والاستقراء والتحليل والقراءة وفهم النصّ بلحاظ التطوّر الدلالي ونظائره والمقارنة