والاستنتاج ... أُموراً غريبةً بل مبغوضة لدى حاملي لواء المظاهر والقشور ، كونها تكشف زيفهم ومدى خوائهم ، فصاروا ـ بطبيعة الحال ـ أعداء العمق والمحتوى ومناصري الشعارات والاستعراضات ، ودجّنوا كثيراً من الناس بفعل الإمكانيّات التي اُتيحت لهم ، فعاش السواد الأعظم منّا عيشة الأوهام ، هذه الأوهام التي سرت في الاُمّة مسرى النار في الهشيم ، فكان أنْ تراجَعَ الوعي تراجعاً رهيباً ، وعمّ الجهل ، وآل الحال إلى ما نحن عليه الآن ، تسيّرنا الأهواء والمصالح أنّى شاءت ، لا نستطيع سوى التعبّد بميل هذا ورغبة ذاك ، أمّا القيم والاُصول فلا معنىً حقيقيّاً لها ، ناهيك عن التعرّف عليها وخوض غمارها بالمناهج العلميّة والاُسس المعرفيّة السليمة.
ناتج ذلك : طغيان النفاق والببغائيّة والصنميّة والحربائيّة والتزلّفيّة ... الأمر الذي يعني فقدان السلم والأمان وتضاؤل فرص النموّ والازدهار وغياب العدالة الاجتماعيّة وانتشار الفوضى والرعب والعنف ، ممّا أفرز مجتمعاً غابت عنه الرؤى والأفكار البنّاءة وانحسرت فيه الدائرة القيَميّة واهتزّت الاُسس والقواعد ، فتكوّن ذاك الفضاء الذي يموج بالتبعية والتقليديّة على حساب الإبداع والابتكار والاجتهاد.
ألسنا كذلك؟ علّنا نجيب بالنفي ، وهذا ما يجانب الواقع ويجافي الحال الذي نحن عليه ، أمّا حين الإجابة بالإثبات ، فأين الخلل وماهو الحلّ يا ترى؟