والأخلاق حين تجد النطق يزلزل مصالحها ، وكم من الأرقام والنماذج التي تمارس النفاق والملق والعبوديّة والصنميّة والببغائيّة والحربائيّة بأرقى مصاديقها وأشكالها ، كي تحفظ رزقها وحظوتها.
إنّ عيون الناس وعقولهم مجهر وميكرسكوب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ وأحصاها ، والاستهانة بتذمّرهم خطأ كبير.
* * *
إنّني حين أروم البحث عن ذلك المتديّن الحقيقي كنت قد وضعت سلفاً نصب عيني معنى العبادة وكونها ارتباطاً خاصّاً بين العبد ومولاه ضمن شروط ومقرّرات معروفة.
كما أدرك المفهوم من «ثبات اليقين بلا حاجة إلى كشف الغطاء» مثلما أعرف معالم الطريق وسبيل النجاة .. لكنّي أحوم حول نقطة محوريّة ومسألة جوهريّة ربما اتّضحت للقارئ من خلال استجماع البحث.
ليس من السهل جدّاً التخلّي عن أدوات العزّ والنعمة والحياة الناعمة الفاخرة ولذائذها ، كما ليس من السهل جدّاً أن تمرّ الاُمور والأعمال بلا حساب عاجل أم آجل (مَالِ هذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا) ، وأيضاً ليس من السهل جدّاً أن ترضى العيون الغائرة والبطون الجائعة والأكباد الحرّى وتقنع بأن يزداد هؤلاء تخمةً ويزدادون هم فقراً وجوعاً ومسكنةً «أَأَبِيتُ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى» :