إنّنا إذن نعاني أزمةً حقيقيّةً على صعيد تشخيص ومعرفة الأدوات والآليّات والوسائط التي تصيب المراد.
فهل نكتفي بالنصّ؟ فإنّه اكتفاء تخصّصي نخبوي محدود لا يمنح النتائج المرجوّة.
أم نكتفي بالعقلانيّة؟ فإنّها هي الاُخرى بحاجة لمؤن لا تقلّ تخصّصاً عن الأوّل بل أشدّ محدوديّةً ودقّةً.
هل نتّجه صوب الأفهام؟ فرغم أنّها المادّة النابضة بالحركة والمعرفة لكنّها تبقى في إطار النسبي إزاء المطلق ، وللنسبي مشكلاته من حيث الشموليّة والإحاطة والاستيعاب ونظائرها.
إنّنا اذن لابدّ أن نستفاد من جميع المحاور والفرص السليمة لبلوغ المقصد ، استفادة قائمة على المعايير العلميّة والمنطقيّة الصحيحة ، فلابدّ أن نقرأ ونستقرئ ونراجع ونقارن ونوازن ونحلّل ونحفر ونبعثر ... كي نستنتج ونقرّر أيّ الطرق أسلم وأصوب .. حينها نجد الثوابت والاُصول بما لها من عمق وجوهر هي اللاعب الشامخ في ميادين الوسائط المؤدّية للغرض ، أمّا القشور فإنّها تذهب جُفاءً.
ومع ما للجمع بين الوسائط الآنفة الذكر ـ النصّ ، العقلانيّة ، الفهم ـ من فوائد جمّة لكنّ إشكاليّة التخصّص والنخبويّة والمحدوديّة لازالت قائمة ، والسواد الأعظم من الناس ليس بإمكانه التوفّر على أدوات التعامل مع المحاور الثلاث لأسباب قد تبدو واضحةً للجميع ، لذا فنحن لم نستطع حلّ الأزمة.