مغادرة السقف الذي كان يحمينا من برد الشتاء وحرّ الصيف.
كنت أعود لاُسرة ألمس فيها حبّاً متبادلاً ، اُسرة أعود إلى كنفها وألجأ إليها وألوذ بها بعد يوم من العمل والدراسة المرهقين ، أعود كي أحميها واُوفّر لها ما يجب عليّ توفيره بوجود امرأة صابرة همّها كيان بيتها والتطلّع لمستقبل أفضل بلا غيرة وحسد للآخرين ; إذ القريبين كانوا أحسن حالاً منّا ونحن بالكاد نمتلك وسائل العيش الأوّليّة ، لكنّا كنّا نحيا حياتنا ونسعى للتكيّف مع الموجود بنظرة أمل وخير إلى الغد.
كثيرٌ من الناس يمتلكون الحياة الفاخرة الناعمة ، وكنت أتمنّاها لاُسرتي ، اُسوة بكلّ رجل يطمح إلى إسعاد اُسرته وتوفير العيش الرغيد الشريف لهم.
واصلت دراستي بجدّ والتزام ومنحني الله سبحانه نعمة التفوّق في المجالين الدراسي والتحقيقي ، ممّا وفّر لي مخزوناً علميّاً وأرضيّة ثقافيّة وظّفتهما خير توظيف للمعقل الذي احتضنني وضمّني حينما اعتذر عن قبولي الآخرون ، فلم أدّخر جهداً في دعم وتطوير وتفعيل مشاريع هذا المعقل المبارك الذي أغدق عليّ بسوابغ الأفضال وجاد بروائع المكرمات بعدما منحته صبري ورغبتي وشوقي وإخلاصي.
إنّ الانتقال الذي حصل بعد تأمّل وتوقّف وتردّد يطول بيانه أحدث في بادئ الأمر حسّاً يهتف بالأعماق ، حسّاً يرفض جفائي لسيّدي ومولاي الرضا (عليه السلام) ، ولعلّ الأيّام كانت كفيلة بترويض هذا الحسّ الذي