بالفطرة ونداء العقل ، وهكذا أعدو فأنال الشيء تلو الشيء لكنّي لازلت طالباً ... إنّني أطلبه غير أنّي غارقٌ ببحر لذّتي وحضيض بهيميّتي فلا اُدرك حقيقة طلبي ... ويظلّ بانتظاري إلى الرمق الأخير ، وأظلّ اُكابر ; لأ نّي لم أعرف معنى الحبّ والشوق والعشق والاشتياق والخاطر والميل والاعتقاد والهمّة والعزم ، فأحبس عنّي لطفه وعنايته بجرمي وجريرتي ، باختياري وعنادي ، وهو لم يزل أرحم عليّ من كلّ شيء.
إن فهمنا المقصد النهائي وأ نّنا لا محالة سائرون إليه ، وأ نّه الجمال المطلق والمراد المطلق وغاية الغايات ومنتهى الطلبات والباقي بعد فناء الأشياء ، فأيّ حبيب حينئذ أحبّ منه وأيّ معشوق أعشق منه وأيّ جميل أجمل منه وأيّ مراد أنول منه وأيّ غاية أغيى منه وأيّ طلبة أطلب منه وكلّها زائلة دونه؟! فهلاّ سرنا إليه وقصدناه سيرَ معرفة وقصدَ علم ويقين ...